والكتابة الفاسدة مثل أن يكاتبه على خمر أو خنزير ، يغلب فيها حكم الصفة في أنه إذا أدى عتق ، ولا يعتق بالإبراء ، وتنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر للسفه ، ويملك السيد أخذ ما في يده ، وإن فضل عن الأداء فضل فهو لسيده ، وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها ؛ على وجهين ، وقال أبو بكر : لا تنفسخ بالموت ، ولا الجنون ، ولا الحجر ، ويعتق بالأداء إلى الوارث .
أحدها : أنه يعتق بأداء ما كوتب عليه ، سواء صرح بالصفة بأن يقول : إذا أديت إلي ، فأنت حر ، أو لم يقل .
الثاني : أنه إذا أعتقه بالأداء لم يلزمه قيمة نفسه ، ولم يرجع على سيده بما أعطاه .
الثالث : أن المكاتب يملك التصرف في كتبه .
الرابع : إذا كاتب جماعة كتابة فاسدة ، فأدى أحدهم حصته ، عتق على القول بأنه يعتق بها في الصحيحة ، وعنه : بطلانها بعوض محرم ، اختاره أبو بكر ( ولا يعتق بالإبراء ) لأن المال غير ثابت في العقد بخلاف الصحيحة ، ولكل واحد منهما فسخها ، سواء كان ثم صفة أو لا ، وأن السيد لا يلزمه أن يؤدي إليه شيئا من الكتابة ( وتنفسخ بموت السيد ) لأن الفاسدة عقد جائز ، لا يؤول إلى اللزوم ، فانفسخت بذلك كالوكالة ( وجنونه والحجر للسفه ) لأن المقصود فيها المعاوضة ، والصفة مبنية عليها بخلاف الصفة المجردة ، قال المؤلف : والأولى أنها لا تبطل هنا ; لأن الصفة المجردة لا تبطل بذلك ، وليغلب في هذه الكتابة حكم الصفة المجردة ( ويملك السيد أخذ ما في يده ) لأنه ملكه وماله ( وإن فضل عن [ ص: 368 ] الأداء فضل فهو لسيده ) قاله أبو الخطاب ; لأنه عتق بالصفة لا بالمعاوضة ، وقال في المغني : ما فضل في يده بعد الأداء ، فهو له ، والأول أصح ( وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها ؛ على وجهين ) أحدهما ، وهو أقيس وأصح : لا يتبعها ; لأنه إنما تبع في الصحيحة بحكم العقد ، وهو مفقود هنا ، والثاني : يتبع كالصحيحة ، ورجحه بعضهم ، وكذا الخلاف في وجوب الإيتاء فيه ، وكذا جعل من أولدها أم ولده ، وفيه وجه في الصحة ذكره القاضي ( وقال أبو بكر : لا تنفسخ بالموت ، ولا الجنون ، ولا الحجر ) لأن الفاسدة كالصحيحة في وقوع العتق ، وفي تبعية الولد وذوي رحمه ، فكذلك في الفسخ ، ولأن الشارع متشوف إلى العتق ، وما ذكر وسيلة إليه ، فوجب الحكم به تحصيلا للمطلوب الشرعي ( ويعتق بالأداء إلى الوارث ) على قوله لكونها لا تنفسخ لتشوف الشارع إلى العتق ، ولأنه قائم مقام مورثه .