وإن تغيرت العادة بزيادة أو تقدم أو تأخر أو انتقال ، فالمذهب أنها لا تلتفت إلى ما خرج عن العادة ، حتى يتكرر ثلاثا أو مرتين على اختلاف الروايتين ، وعندي أنها تصير إليه من غير تكرار ، وإن طهرت في أثناء عادتها ، اغتسلت وصلت ، فإن عاودها الدم في العادة ، فهل تلتفت إليه ؛ على روايتين ،
( وإن تغيرت العادة بزيادة ) مثل أن يكون حيضها خمسة من كل شهر فتصير ستة ونحوها ( أو تقدم ) مثل أن يكون عادتها من أول الشهر ستة فتصير يومين من الشهر السابق ، وأربعة من الثاني ، وهو الذي تحيض فيه ( أو تأخر ) مثل أن يكون حيضها خمسة من أول الشهر فتصير خمسة في ثانيه ( أو انتقال ) مثل أن يكون حيضها الخمسة الأول ، فتصير الخمسة الثانية ، لكن لم يذكره في " المحرر " و " الوجيز " ولا " الفروع " لأنه في معنى ما تقدم ( فالمذهب أنها لا تلتفت إلى ما خرج عن العادة ) نص عليه لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338489اجلسي قدر ما كانت تحبسك حيضتك رواه مسلم ، ولأن لها عادة ، فترد إليها كالمستحاضة ، وتصوم ، وتصلي في الخارج عن العادة ، ولا يأتيها زوجها لاحتمال أن يكون حيضا فيجب ترك وطئها احتياطا ، كما وجبت العبادة احتياطا ، لكنها تغتسل عقيب العادة ، وعند انقضاء الدم لاحتمال أن يكون حيضا كما قلناه في المبتدأة ، وعنه : لا يجب الغسل عقيب الخارج عن العادة ، وفي " الرعاية " : لا يجب الغسل [ ص: 286 ] على الأصح لما زاد عن العادة إن اعتبر تكراره ، ولم يعبر أكثر الحيض ، وفي كراهة الوطء فيه وجهان ، وعلى ما ذكره إن ارتفع حيضها ولم يعد ، أو يئست قبل التكرار لم تقض ( حتى يتكرر ثلاثا ) جزم به في " الوجيز " وهو الأشهر فعلى هذا تجلس في الشهر الرابع ( أو مرتين ) فتنتقل من الشهر الثالث ، وقيل : الثاني ( على اختلاف الروايتين ) نقلهما عنه الفضل بن زياد . فعليها إذا تكرر صار عادة ، وأعادت ما فعلته من الصيام والطواف الواجب ، لكن قال ابن تميم : في وجوب إعادته قبل التكرار وجهان ، وعن أحمد : الزائد لا يحتاج إلى تكرار وحده ، وظاهره أن العادة لا تثبت بمرة ، زاد في " الرعاية " على الأصح ، وقيل : إلا في التمييز .
( وعندي أنها تصير إليه من غير تكرار ) قال ابن تميم : وهو أشبه ، وحكاه في " الرعاية " قولا ، وفي " المستوعب " رواية ، وفاقا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، لأن النساء كن يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الصفرة والكدرة ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء . رواه مالك ، ومعناه : لا تعجلن بالغسل ، ومعنى القصة أن تدخل القطنة في فرجها فتخرج بيضاء نقية ، وقال أحمد : هو ماء أبيض يتبع الحيضة ، ولم يقيده بالعادة ، فالظاهر أنهن كن يعددن ما يرينه من الدم حيضا من غير افتقاد عادة ، والظاهر أنهن جرين على العرف في اعتقاد ذلك حيضا ، ولم يرد من الشرع تغييره ، وذلك أننا أجلسنا المبتدأة من غير سبق عادة ، ورجعنا في أكثر أحكام الحيض إلى العرف .
( وإن طهرت في أثناء عادتها اغتسلت ، وصلت ) وصامت ، لقول ابن [ ص: 287 ] عباس : أما ما رأت الطهر ساعة فلتغتسل ، وظاهره : أنه لا فرق بين قليل الطهر وكثيره ، ونقله في " الشرح " عن الأصحاب ، لكن أقل الطهر في خلال الحيض ساعة ، فلو كان النقاء أقل منها ، فقال في " الكافي " و " الشرح " : الظاهر أنه ليس بطهر ، وعن أحمد : أقله يوم ، وصححه المؤلف ، وابن تميم ، وابن حمدان ، لأن الدم يجري تارة ، وينقطع أخرى ، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة حرج ، فيكون منفيا ، قال في " الشرح " وغيره : فعلى هذا لا يكون أقل من يوم طهر ، إلا أن ترى ما يدل عليه ، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها ، أو ترى القصة البيضاء ، وأن الله تعالى ، وصف الحيض بكونه أذى ، فإذا ذهب الأذى ، وجب زوال الحيض ، وظاهره إباحة وطئها ، وعنه : يكره ، وخرجه القاضي ، وابن عقيل على الخلاف في المبتدأة ، وأنه لا قضاء عليها فيما فعلته فيه من صوم واجب ونحوه إذا عاودها في العادة على الأصح ( فإن عاودها الدم في العادة ) ولم يجاوزها ( فهل تلتفت إليه ؛ على روايتين ) أصحهما أنها تلتفت إليه بمعنى أنها تجلسه ، لأنه صادف زمن العادة أشبه ما لو استمر ، والثانية : لا تلتفت إليه حتى يكرر ، اختاره ابن أبي موسى ، وهو ظاهر الخرقي ، وقال أبو بكر : هو الغالب في الرواية عن أبي عبد الله ، لأنه عاد بعد طهر صحيح ، أشبه ما لو عاد بعد العادة ، فعليها حكمه حكم ما لو عاد بعدها ، وعنه : مشكوك فيه ، كدم نفساء عاد ، فعلى الأولى إذا عاد في العادة وغيرها ، ولم يجاوز أكثر الحيض فأوجه ، أحدها : الجميع حيض ، والثاني : ليس بحيض حتى يتكرر ، والثالث : ما في العادة حيض ، وما زاد ليس بحيض حتى يتكرر ، فإن جاوز أكثره فمستحاضة ، لأن بعضه ليس بحيض ، فيكون كله استحاضة لاتصاله به ، وانفصاله [ ص: 288 ] عن الحيض ، ولم يتعرض المؤلف لعوده بعد العادة ، وهو ينقسم إلى قسمين ، تارة يتعذر كونه حيضا ، وهو إذا عبر أكثره ، وليس بينه وبين الدم الأول أقل الطهر ، فيكون استحاضة ، ولو تكرر ، وتارة يمكن كونه حيضا ، وذلك في حالين أحدهما : أن يكون بضمه إلى الدم الأول لا يكون بين طرفيها أكثر من خمسة عشر يوما ، فإذا تكرر واحد يلفق أحدهما إلى الآخر ، ويكون الطهر الذي بينهما طهرا في خلال الحيضة ، كما لو كانت عادتها عشرة أيام من أول الشهر ، فرأت منها خمسة دما ، وطهرت خمسة ، ثم رأت خمسة دما ، فلو رأت الثاني ستة أو أكثر ، امتنع ذلك لما ذكرناه . والثاني : أن يكون بينهما أقل الطهر ، وكل من الدمين يصلح حيضا بمفرده ، كيوم وليلة ، فهذا إذا تكرر يكون الدمان حيضتين ، وإن نقص أحدهما عن أقل الحيض ، فهو دم فساد .