الشروط في النكاح ( وهي قسمان : صحيح ) وفاسد ، لأنه عقد معاوضة ، فانقسم إلى ذلك كالبيع ، والأول نوعان ، أحدهما : شرط ما يقتضيه العقد كتسليم المرأة ، وتمكينه من الاستمتاع بها ، فهذا لا أثر له ، وجوده كالعدم ، والثاني : شرط ما تنتفع به المرأة وهو المعبر عنه بقوله : ( مثل اشتراط زيادة في المهر أو نقد معين ) ، فهذا صحيح يجب الوفاء به ، كالثمن في البيع ( أو ) شرط أن ( لا يخرجها من دارها أو بلدها ) هذا المذهب وعليه الأصحاب ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر - مرفوعا - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340380إن أحق الشروط أن توفوا به ، ما استحللتم به الفروج رواه الشيخان ; ولعمومات الأمر بالوفاء بالعقود والعهود ; ولأن الشارع حرم مال الغير إلا عن تراض منه ، ولا شك أن المرأة إذا لم ترض ببذل فرجها إلا بهذا الشرط وشأن الفرج أعظم من المال ، فإذا حرم المال إلا بالتراضي ، فالفرج أولى ، مع أن الأثرم روى أن رجلا تزوج امرأة ، وشرط لها دارها ، ثم أراد نقلها ، فخاصموه إلى عمر ، فقال : لها شرطها ، وعنه : لا يلزم ، وحكاها أبو الحسين عن شيخه ; لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340381كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وعن عمرو بن عوف nindex.php?page=hadith&LINKID=10339967المسلمون عند شروطهم ، إلا شرطا حرم حلالا ، أو أحل حراما رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح ، وجوابه بأن معناه : ليس في كتاب الله ، أي : في حكمه وشرعه ، وهذه مشروعة ، ومن نفاه فعليه الدليل ، وعن الثاني : بأنها لا تحرم الحلال ، وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ ، وقال القاضي في " الجامع " : يثبت لها الفسخ بالغرم [ ص: 81 ] على الإخراج ، وما ذكره المؤلف هو قول عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص ، ومعاوية ، nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم ، فكان كالإجماع ( أو لا يتزوج عليها ، ولا يتسرى فهذا صحيح ) ; لقول عمر : مقاطع الحقوق عند الشروط ; ولأنه شرط له فيه منفعة ، كاشتراط نقد معين ( لازم إن وفى به ، وإلا فلها الفسخ ) كاشتراط صفة في المبيع ، ككونه كاتبا أو صانعا ، ومقتضى كلام أصحابنا أن الزوج لا يجبر على الوفاء بالشرط ، وظاهر كلام أحمد خلافه .
تنبيه : ظاهر إطلاق المؤلف - وذكره الشيخ تقي الدين - ظاهر المذهب ، ومنصوص الإمام : أنه كالشرط فيه ; لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود يتناول ذلك .
والثاني : لا يؤثر إلا إذا اشترطت في العقد ، وهو مقتضى كلام القاضي في مواضع ، واختاره في " المحرر " ، وقدمه في الفروع كالشروط .
والثالث : يفرق بين شرط يجعل العقد غير مقصود ، كالتواطؤ على أن البيع تلجئة ، لا حقيقة له فيؤثر ، وبين شرط لا يخرجه عن أن يكون مقصودا كاشتراط الخيار ، فهذا لا يؤثر ، قاله القاضي في تعليقه .
( وإن شرط لها طلاق ضرتها ، فقال أبو الخطاب : هو صحيح ) وهو رواية ، ذكره جماعة ، وجزم به في " المحرر " و " الوجيز " ; لأن لها فيه نفعا وفائدة ، أشبه ما لو شرطت أن لا يتزوج عليها ، لكن قال المؤلف : ( ويحتمل أنه باطل ) هذا قول في المذهب ( لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340379لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ، ولتنكح ، فإن لها ما قدر لها ) رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، والأشهر [ ص: 82 ] مثله بيع أمته ، قال في " عيون المسائل " وغيرها : إذا شرطت أن لا يسافر بها إذا أرادت انتقالا ، لم يصح ; لأنه اشتراط تصرف الزوج بحكم عقد النكاح ، وذلك لا يجوز ، كما لو شرطت أن تستدعيه إلى النكاح وقت حاجتها وإرادتها ، وهنا شرطت التسليم على نفسها في مكان مخصوص ، فاقتصرت بالشرط في تصرفه فيها على بعض ما تستحقه من التصرف بإطلاق العقد ، وذلك غير ممتنع كما بينا أن الشرع قصر تصرفه على مكان وعدد ، فلا يخص الشرع الزوجة بالتصرف في الزوج ، قال في " الفروع " : ويتوجه لا يبعد صحته ، وأنه يخرج من شرطها طلاق ضرتها .
أصل : ذكر الشيخ شمس الدين بن القيم في " الهدي " في قصة بني هاشم بن المغيرة لما استأذنوا أن يزوجوا nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ابنة أبي جهل قال فيه : إنه تضمن هذا مسألة الشرط ; لأنه عليه السلام أخبر أنه يؤذي فاطمة ، ويريبها ، ويؤذيه ويريبه ، وأنه معلوم أنه إنما زوجه على عدم ذلك ، وأنه إنما دخل عليه وإن لم يشترط في العقد ، وفي ذكره عليه السلام صهره الآخر بأنه حدثه فصدقه ، ووعده فوفى له - تعريض لعلي ، وأنه قد جرى منه وعد له بذلك ، فحثه عليه ، قال : فيؤخذ من هذا أن المشروط عرفا كالمشروط لفظا ، وأن عدمه يملك به الفسخ ، فقوم لا يخرجون نساءهم من ديارهم ، أو المرأة من بيت لا يتزوج الرجل على نسائهم ضرة ، ويمنعون الأزواج منه ، أو تعلم عادة أن المرأة لا تمكن من إدخال الضرة عليها - كان ذلك كالمشروط لفظا ، وهذا مطرد على قواعد أهل المدينة ، وأحمد : أن الشرط العرفي كاللفظي ، وبهذا أوجبوا الأجرة على من دفع ثوبه إلى قصار ، المسألة المشهورة .