( والمستحاضة ) هي التي ترى دما لا يصلح أن يكون حيضا ، ولا نفاسا ، حكمها حكم الطاهرات في وجوب العبادات وفعلها ، لأنها نجاسة غير معتادة ، أشبهت سلس البول ( تغسل فرجها ) لإزالة ما عليه من الدم ( وتعصبه ) بما يمنع الدم على حسب الإمكان من حشو بقطن ، أو شد بخرقة طاهرة مشقوقة الطرفين ، لقول حمنة : أنعت لك الكرسف يعني : القطن - تحتشين به المكان قالت : إنه أكثر قال : فتلجمي . وظاهره ، ولو كانت صائمة ، لكن يتوجه أن يقصر على التعصيب فقط ، والأصح أنه لا يلزمها غسل الدم ، وإعادة شده لكل صلاة ، فإن خرج الدم بعد الوضوء لتفريط في الشد ، أعادت الوضوء ، لأنه حدث أمكن التحرز منه ، وإن خرج بغير تفريط ، فلا شيء عليها .
( وتتوضأ لوقت كل صلاة ) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338490توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت رواه أحمد ، وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وصححه ، وفي لفظ قال لها : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338491توضئي لوقت كل صلاة قال الترمذي : حديث حسن صحيح [ ص: 291 ] لا يقال : فيه ، وفي غالب الروايات : nindex.php?page=hadith&LINKID=10338492وتوضئي لكل صلاة لأنه مقيد فيجب حمله على المقيد به ، ولأنها طهارة عن عذر وضرورة ، فتقيدت بالوقت كالتيمم ، وظاهره يجب ، ولو لم يخرج شيء ، وهو ظاهر كلام جماعة ، لكن قال في " الشرح " و " الفروع " : إنه لا يجب إذا لم يخرج شيء ، نص عليه فيمن به سلس البول ، وعليه إذا توضأت قبل الوقت بطل بدخوله كالتيمم ، لأنه لا حاجة إليه إذن ، واقتضى ذلك صحة طهارتها بعد دخول الوقت ، فتنوي استباحة الصلاة ، لا رفع الحدث ، فإن نوته فقال في " التلخيص " : لا أعلم لأصحابنا فيه قولا ، وقياس المذهب أنه لا يكفي ، ولا تعيين النية للفرض في ظاهر كلامهم .
( وتصلي ) بوضوئها ( ما شاءت من الصلوات ) إذا كانت ، أو قضاء أو جمعا أو نذرا ، ما لم يخرج الوقت ، كما يجمع بين فرض ونوافل اتفاقا ، لأنها متطهرة ، أشبهت المتيمم ، وعنه : يبطل بدخوله ، وهو اختيار المجد ، وعنه : لا يجمع به بين فرضين أطلقها جماعة ، وقيدها في " المحرر " بوضوء للأمر به لكل صلاة ، قال القاضي في " الخلاف " : تجمع بالغسل لا تختلف الرواية فيه ، وفي " الجامع الكبير " : تجمع وقت الثانية ، وتصلي عقيب طهرها ، وظاهره أن لها التأخير ، فإن أخرت لحاجة ، وقيل : لمصلحة ، وفي " الرعاية " : أو تنفل جاز ، فإن كان لغير ذلك صلت به في وجه ، وصححه ابن تميم ، كالمتيمم ، وفي آخر : لا ، لأنه إنما أبيح لها الصلاة بهذه الطهارة مع وجود الحدث للضرورة ، ولا ضرورة هنا ، ومحل هذا ما إذا كان دمها مستمرا ، فلو كان لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للفعل ، تعين فيه ، فإن توضأت زمن انقطاعه ، ثم عاد بطل ، ولو عرض هذا [ ص: 292 ] الانقطاع لمن عادتها الاتصال ، ففي بقاء طهارتها وجهان ، وعنه : لا عبرة بانقطاع الدم مع بقاء الاستحاضة بحال ، لعدم ورود الشرع به للمشقة ، قال في " الشرح " : وهو أولى ، وصححه ابن تميم .
( وكذلك من به سلس البول ، والمذي والريح ، والجريح الذي لا يرقأ دمه ، والرعاف الدائم ) يعني : أن حكم هؤلاء حكم المستحاضة ، لتساويهم معنى ، وهو عدم التحرز من ذلك ، فوجب المساواة حكما ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه : كان بيزيد بن ثابت سلس البول ، وكان يداويه ما استطاع ، فإذا غلبه ، صلى ولا يبالي ما أصاب ثوبه ، ولم ير أحمد حشو الذكر في ظاهر ما نقله عبد الله ، وأنه لو احتشى فصلى ، ثم أخرجه فوجد بللا ، فلا بأس ما لم يظهر خارجا ، ونقل الميموني فيمن به رعاف دائم : إنه يحتشي ، ونقل ابن هاني خلافه ، فإن كان مما لا يمكن عصبه كالجرح الذي لا يمكن شده ، أو من به باسور أو ناصور ، ولا يمكن عصبه ، صلى على حسب حاله لفعل عمر ، رواه أحمد . فإن قدر على حبسه حال القيام وحده ركع وسجد ، وأجزأته صلاته ، نص عليه ، كالمكان النجس ، وقال أبو المعالي : يومئ ، لأن فوات الشرط لا بدل له قال : ولو امتنعت القراءة ، أو لحقه السلس إن صلى قائما ، صلى قاعدا قال : ولو كان قام وقعد لم يحبسه ، ولو استلقى ، حبسه ، صلى قائما وقاعدا ، لأن المستلقي لا نظير له اختيارا .
( وهل يباح ، وطء المستحاضة في الفرج من غير خوف العنت ؛ على روايتين ) إحداهما : يحرم إلا لخوف العنت ، قدمه غير واحد ، وذكر في " الكافي " و " الفروع " أنه قول الأصحاب قيل : وبعدم الطول لنكاح حرة ، أو ثمن [ ص: 293 ] أمة ذكره في " الرعاية " لقول عائشة : المستحاضة لا يغشاها زوجها ، ولأن بها أذى كالحائض ، فإن وطئ أثم ، ولا كفارة عليه في الأشهر ، والثانية : يباح مطلقا ، وهو قول أكثر العلماء ، لأن حمنة كانت تستحاض ، وكان زوجها nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله يجامعها ، nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة تستحاض ، وكان زوجها nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف يغشاها ، رواهما أبو داود ، وللعموم في حل وطء الزوجة ، وقد قيل : وطء الحائض يتعدى إلى الولد فيكون مجذوما ، وعنه : يكره ، وظاهره إذا خاف العنت أو خافته هي ، وطلبته منه أبيح له ، لأن حكمه أخف من حكم الحيض ، ومدته تطول .
فائدة : لا بأس بشرب دواء مباح لقطع الحيض إذا أمن ضرره ، نص عليه ، واعتبر القاضي إذن الزوج كالعزل ، وشربه يجوز لإلقاء نطفة ، ذكره في " الوجيز " ويجوز لحصول الحيض ، إلا قرب رمضان لتفطر . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12838أبو يعلى الصغير .