( وللمرأة ) سمي لها أو مفوضة ( منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال ) حكاه ابن المنذر إجماعا; لأن في إجبارها أولا على تسليم نفسها خطرا بإتلاف [ ص: 176 ] البضع ، ولا يمكن الرجوع فيه بخلاف المبيع ، وقيل : أو حل قبل التسليم وسافر بلا إذنه في أصح الروايتين ، ولها النفقة إذا امتنعت - ولو كان معسرا - والسفر بغير إذنه; لأنه امتناع بحق ، أشبه ما لو امتنعت للإحرام بحجة الإسلام ، وعلل أحمد وجوب النفقة بأن الحبس من قبله ، وظاهر كلام جماعة : لا نفقة ، قال في " الفروع " : وهو متجه ، وظاهره : أنه إذا كان مؤجلا فليس لها منع نفسها قبل قبضه; لأن رضاها بتأجيله رضى منها بتسليم نفسها قبل قبضه كتأجيل الثمن ، فأما إذا كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا ، فلها منع نفسها قبل قبض العاجل ، ولا فرق بين حلوله بعد تأجيله وعدمه ، صرح به في " المغني " ; لأن التسليم قد وجب عليها ، فاستقر قبل قبضه ، فلم يكن لها أن تمتنع منه .
فرع : إذا كانت محبوسة أو لها عذر يمنع التسليم ، وجب تسليم الصداق كمهر الصغيرة في الأصح .
( فإن تبرعت بتسليم نفسها ثم أرادت المنع ، فهل لها ذلك ؛ على وجهين ) إذا سلمت نفسها تبرعا ، فدخل أو خلا ، ثم أرادت المنع فقد توقف أحمد في الجواب عنها ، وفيه وجهان ، أحدهما : لا يملكه ، واختاره الأكثر ، منهم صاحب " الوجيز " ; لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلم ، فلم يكن لها أن تمتنع منه كتسليم البائع المبيع ، وفيه تنبيه على الفرق بين المتبرع بالتسليم وعدمه ، وهو قادح في صحة القياس ، والثاني - واختاره ابن حامد - : على أن لها المنع; لأنه تسليم يوجبه العقد ، فكان لها أن تمتنع منه قبل صداقها ، كما لو تتبرع بتسليم نفسها ، فأما إن وطئها مكرهة لم يسقط حقها من الامتناع ، صرح به في " المغني " [ ص: 177 ] و " الشرح " كالبائع المكره على التسليم ، والأصح : أنه إذا أظهر معيبا بعد قبضه وتسليم نفسها أن لها المنع .