وإن أراد النقلة من بلد إلى بلد ، وأخذ إحداهن معه ، والأخرى مع غيره ، لم يجز إلا بقرعة ، ومتى سافر بها بقرعة لم يقض ، وإن كان بغير قرعة ، لزمه القضاء للأخرى ، وإن امتنعت من السفر معه ، أو من المبيت عنده ، أو سافرت بغير إذنه - سقط حقها من القسم ، وإن أشخصها هو ، فهي على حقها من ذلك ، وإن سافرت لحاجتها بإذنه ، فعلى وجهين .
( وإن أراد النقلة من بلد إلى بلد وأخذ إحداهن معه والأخرى مع غيره ، لم يجز إلا بقرعة ) وجملته أن الزوج إذا أراد النقلة بنسائه إلى بلد آخر وأمكنه استصحاب الكل في سفره ، فعلى ذلك ليس له إفراد إحداهن به; لأن هذا السفر لا يختص بواحدة ، فإن خص بعضهن قضى للباقيات كالحاضر ، وإن شق عليه صحبة الجميع ، وبعث بهن جميعا مع غيره ممن هو محرم لهن - جاز بغير قرعة ، فإن أفرد بعضهن بالسفر معه لم يجز إلا بقرعة ، وهي مسألة المتن ، ومتى سافر بأكثر من واحدة سوى بينهن كالحضر ، فإذا وصل البلد الذي انتقل إليه ، فأقامت معه فيه قضى للباقيات مدة كونها معه في البلد خاصة; لأنه صار مقيما ( ومتى سافر بها بقرعة لم يقض ) أي : للحاضرات بعد قدومه في قول أكثرهم; لحديث عائشة ، ولم يذكر قضاء ; ولأن المسافرة اختصت بمشقة السفر ، فاختصت بالقسم ( وإن كان بغير قرعة لزمه القضاء للأخرى ) ; لأنه خص بعضهن بمدة على وجه يلحقه التهمة فيه ، فلزمه القضاء كما لو كان حاضرا ، وعلى هذا يقضي مدة غيبته ما لم تكن الضرة رضيت بسفرها ، وينبغي أن يقضي منها ما أقام منها لمبيت ونحوه ، ويقضي مع قرعة ما تعقبه السفر أو تخلله من إقامة .
تنبيه : إذا خرجت القرعة لإحداهن لم يجب عليه السفر بها ، وله تركها [ ص: 209 ] والسفر وحده; لأن القرعة إنما تعين من يستحق التقديم; ولهذا يمنع من السفر بغيرها ، وإن أبت السفر معه سقط حقها إذا رضي الزوج ، وإن أبى فله إكراهها على السفر معه ، فإن رضي الزوجات بسفر واحدة من غير قرعة جاز ، ولا فرق بين السفر الطويل والقصير; لعموم الخبر والمعنى ، ذكره في " الشرح " وغيره ، وذكر القاضي احتمالا ، أنه يقضي للبواقي في السفر القصير ، وجوابه : بأنه سافر بها بقرعة ، فلم يقض كالطويل ( وإن امتنعت من السفر معه ، أو من المبيت عنده ، أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم ) بغير خلاف نعلمه; لأنها عاصية بمنع نفسها منه ، فيسقط حقها كالناشزة ، وكذا لا نفقة لها ، قاله في " الرعاية " و " الفروع " ، وقيل : يجب لها النفقة بالوطء ( وإن أشخصها هو ) بأن بعثها في حاجة أو أمرها بالنقلة من بلدها ، ذكره في " المغني " و " الشرح " ( فهي على حقها من ذلك ) أي : من القسم والنفقة; لأنه ما فات بسبب من جهتها ، وإنما فات بتفويته ، فلم يسقط حقها ، كما لو أتلف المشتري المبيع لم يسقط حق البائع من تسليم ثمنه إليه ، فعلى هذا يقضي لها بحسب ما أقام عند ضرتها ، وإن سافرت معه فهي على حقها منهما جميعا ( وإن سافرت لحاجتها ) كسفرها لزيارة أو حج تطوع أو عمرة ( بإذنه فعلى وجهين ) أحدهما : يسقطان ، ذكره الخرقي والقاضي; لأن القسم للأنس ، والنفقة للتمكين ، وقد تعذر ذلك بسبب من جهتها ، والثاني : لا يسقطان ، ذكره أبو الخطاب; لأنها سافرت بإذنه ، أشبه ما لو سافرت معه ، وقيل : يسقط القسم وجها واحدا; لأنه لو سافر عنها لسقط قسمها ، والتعذر من جهته ، فإذا تعذر من جهتها كان أولى .