وإن هدده بالقتل ونحوه ، وأخذ المال قادر ، يغلب على الظن وقوع ما هدده به - فهو إكراه .
وعنه : لا يكون مكرها حتى يناله شيء من العذاب ، كالضرب ، والخنق ، وعصر الساق ، اختاره الخرقي .
( ومن أكره على الطلاق بغير حق لم يقع طلاقه ) رواه سعيد ، وأبو عبيد عن عمر ، وهو قول جماعة من الصحابة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيمن يكرهه اللصوص فيطلق : ليس بشيء . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ; ولقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339619إن الله وضع عن أمتي الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، قال عبد الحق : إسناد متصل صحيح ، وعن عائشة قالت : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340482لا طلاق ولا عتاق في غلاق رواه أبو داود وهذا لفظه ، وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ولفظهما nindex.php?page=hadith&LINKID=10340483في إغلاق قال المنذري : هو المحفوظ ، قال أبو عبيد والقتيبي معناه : في إكراه ، لكن فسره في رواية حنبل بالغضب ، ذكره أبو بكر في " الشافي " ; ولأنه قول حمل عليه بغير حق ، أشبه الإكراه على كلمة الكفر ، وعنه : لا يكون إلا من سلطان ، ذكرها ابن هبيرة والحلواني ، وظاهره : أنه لا يلزمه شيء ولو نوى به الطلاق - في أحد القولين; نظرا إلى أن اللفظ مرفوع عنه بالإكراه ، فيبقى بنية مجردة . والثاني : أنه بمنزلة الكناية ، إن نوى به الطلاق وقع ، وإلا فلا ، حكاهما أبو الخطاب في " الانتصار " ، وحكى شيخه عن أحمد روايتين ، وجعل الأشبه الوقوع ، وهو الذي أورده المؤلف مذهبا ، ولا خلاف في أنه إذا لم ينو به طلاقا ، ولم يتأول بلا عذر - أنه لا يقع ، وفيه احتمال . قوله : بغير حق يحترز بذلك عن الإكراه بحق كإكراه الحاكم المؤلي على [ ص: 255 ] الطلاق بغير التربص إذا لم يف ، وإكراه من زوجها وليان ، ولم يعلم السابق منهما; لأنه قول حمل عليه بحق ، فصح كإسلام المرتد .
( وإن هدده بالقتل ونحوه ، وأخذ المال قادر يغلب على الظن وقوع ما هدده به - فهو إكراه ) اختاره ابن عقيل ، وجزم به المؤلف ، وفي " الوجيز " لقول عمر في التي قالت : طلقني ثلاثا وإلا قطعته ، فطلقها ثلاثا ، فرده إليها ، رواه سعيد ، وهذا كان وعيدا ، ولأن الإكراه إنما يتحقق بالوعيد ، فإن الماضي لا يندفع بفعل ما أكره ، وإنما يباح الفعل المكره دفعا لما يتوعد به من العقوبة فيما بعد ، فعلى هذا يشترط له أمور .
أحدها : أن يكون ما هدده فيه ضرر كثير كالقتل والضرب الشديد ، فأما السب والشتم فليس بإكراه - رواية واحدة ، وكذا أخذ المال اليسير ، والضرب في حق من لا يبالى به .
الثاني : أن يكون التهديد من قادر; لأن غيره لم يخف وقوع المحذور به ، لأنه يمكن دفعه .
الثالث : أن يغلب على الظن وقوع ما هدده به .
فرع : ضرب ولده وحبسه ونحوهما إكراه لوالده ، وإكراه على عتق ويمين ونحوهما كطلاق .
[ ص: 256 ] ( وعنه : لا يكون مكرها حتى يناله شيء من العذاب ، كالضرب ، والخنق ، وعصر الساق ، اختاره الخرقي ) ، والقاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب ، والشيرازي ، ونص عليه أحمد في رواية الجماعة ، وقال : كما فعل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكأنه يشير إلى قصة عمار حين أخذه المشركون ، وأرادوه على الشرك ، فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبكي ، فجعل يمسح الدموع عن عينيه ويقول : أخذك المشركون ، فغطوك في الماء ، وأمروك أن تشرك بالله ، ففعلت ، فإن أمروك مرة أخرى فافعل ذلك بهم رواه أبو حفص . فعلى هذا يشترط في الضرب أن يكون شديدا أو يسيرا في حق ذي مروءة ، ومما يشبه الضرب وعصر الساق - القيد والحبس الطويلان ، وأخذ المال الكثير ، زاد في " الكافي " : والإخراج من الديار ، لا السب ونحوه - رواية واحدة ، قاله في " المغني " و " الشرح " ، وعنه : إن هدد بقتل ، وعنه : أو قطع طرف ، وقيل : أو إحراق من يؤلمه - فإكراه . قال القاضي : الإكراه يختلف ، قال ابن عقيل : وهو قول حسن ، وإن سحره ليطلق ، فإكراه - قاله الشيخ تقي الدين .
تنبيه : إذا أكره على طلاق امرأة فطلق غيرها ، أو على طلقة فطلق ثلاثا ، أو على لفظ صريح فأتى بكناية ، أو على تعليقه فنجزه - وقعن وإن ترك التأويل بلا عذر أو أكره على مبهمة ، فطلق معينة - فوجهان ، لا يقال : لو كان الوعيد إكراها لكنا مكرهين على العبادات ، فلا ثواب مع أنه يجوز أن يقال : إننا مكرهون عليها ، والثواب بفضله لا مستحقا عليه عندنا ، ثم العبادات تفعل للرغبة - ذكره في " الانتصار " .