وإذا وكل في الطلاق من يصح توكيله ، صح طلاقه ، وله أن يطلق متى شاء ، إلا أن يحد له حدا ، ولا يطلق أكثر من واحدة ، إلا أن يجعل إليه .
وإن وكل اثنين فيه ، فليس لأحدهما الانفراد به إلا بإذن ، وإن وكلهما في ثلاث ، فطلق أحدهما أكثر من الآخر - وقع ما اجتمعا عليه ، ولو قال لامرأته : طلقي نفسك ، فلها ذلك ، كالوكيل .
وإن قال لها : اختاري من ثلاث ما شئت ، لم يكن لها أن تطلق أكثر من اثنتين .
( وإذا وكل في الطلاق من يصح توكيله ، صح طلاقه ) ; لأنه إزالة ملك ، فصح التوكيل فيه كالعتق ، وقوله : من يصح توكيله ، يحترز به عن الطفل والمجنون ، فلو وكل عبدا أو كافرا ، صح ، وإن جعل أمر الصغيرة أو المجنونة في يدها ، لم تملكه - نص عليه - وظاهر كلام أحمد : أنها إذا عقلت الطلاق وقع ، وإن لم تبلغ كالصبي ( وله أن يطلق متى شاء ) ; لأن لفظ التوكيل يقتضي ذلك; لكونه توكيلا مطلقا ، أشبه التوكيل في البيع إلا وقت بدعة ، ولا يملك بالإطلاق تعليقا ( إلا أن يحد له حدا ) ; لأن الأمر على ما أذن له; لأن الأمر إلى الموكل في ذلك ( ولا يطلق أكثر من واحدة ) ; لأن الأمر المطلق يتناول أقل ما يقع عليه الاسم ( إلا أن يجعل إليه ) أكثر من واحدة بلفظه أو نيته - نص عليه; لأنه نوى بكلامه ما يحتمله ، ويقبل قوله في نيته; لأنه أعلم بها ، [ ص: 258 ] زاد في " الرعاية " أو يفسخ أو يطأ ، وقيل : لا يملك فوق طلقة بلا إذن ، ولا ينعزل بالوطء .
فرع : إذا أوقعه الوكيل ، ثم ادعى الزوج أنه رجع قبل إيقاع الوكيل - قبل قوله ، ذكره أصحابنا ( وإن وكل اثنين فيه ، فليس لأحدهما الانفراد به ) ; لأنه إنما رضي بتصرفهما جميعا ( إلا بإذن ) ; لأنه راض بتصرف كل واحد منهما ، فملك الانفراد كما لو وكله وحده ( وإن وكلهما في ثلاث ، فطلق أحدهما أكثر من الآخر - وقع ما اجتمعا عليه ) ; لأنه مأذون لهما في ذلك ، فلو طلق أحدهما واحدة والآخر ثلاثا - وقع واحدة ، كما لو طلق ثنتين ، والآخر ثلاثا ، فيقع ثنتان ( ولو قال لامرأته : طلقي نفسك ، فلها ذلك ) ; لأنه يصح توكيلها في طلاق غيرها ، فكذا في طلاق نفسها ( كالوكيل ) ; لأنها متصرفة بالإذن ، فتملك ما ملكه الوكيل ، فعليه لها أن تطلق متى شاءت ، إلا أن يحد لها حدا ، ولا تملك أكثر من واحدة إلا أن يأذن ، قال أحمد : إذا نوى ثلاثا ، فطلقت نفسها ثلاثا - فهي ثلاث ، وإن نوى واحدة ، فواحدة; لأن الطلاق يكون ثلاثا وواحدة ، فأيهما نواه صح ، ولو وكل معها غيرها ، لم يكن لها الانفراد إلا أن يجعل ذلك إليها ، ولو اختلفا في العدد وقع عليه ، فإن طلقت نفسها أو طلقها الوكيل في المجلس أو بعده - وقع; لأنه توكيل ، وقال القاضي - وقدمه في " الرعاية " : يتقيد لها بالمجلس ، كاختاري ، وجوابه : بأنه توكيل ، فكان على التراخي كالأجنبي ، ولو قال : طلقي ثلاثا فطلقت واحدة - وقع ، نص عليه; لأنها تملك إيقاع ثلاث ، فتملك إيقاع واحدة كالوكيل ، ولا تملك تعليقا ، فلو قال : طلقي نفسك ، فقالت : أنا طالق إن قدم زيد - لم يصح ; لأن إذنه انصرف إلى [ ص: 259 ] المنجز ، فلم تتناول المعلق على شرط ، ولو قال : طلقي نفسك طلاق السنة ، فطلقت نفسها ثلاثا - فهي واحدة ، وهو أحق برجعتها ( وإن قال : اختاري من ثلاث ما شئت لم يكن لها أن تطلق أكثر من اثنتين ) ; لأن " من " للتبعيض ، فلم يكن لها أن تختار الثلاث; لأنها كل الطلاق .