ومن شرط وقوع الطلاق بالكناية أن ينوي بها الطلاق ، إلا أن يأتي بها حال الخصومة والغضب ، فعلى روايتين وإن جاءت جوابا لسؤالها الطلاق ، فقال أصحابنا : يقع بها الطلاق ، والأولى في الألفاظ الذي يكثر استعمالها لغير الطلاق نحو : اخرجي ، واذهبي ، وروحي أنه لا يقع بها طلاقه حتى ينويه .
( ومن شرط وقوع الطلاق بالكناية ) ولو ظاهرة فيها رواية ، اختارها أبو بكر ( أن ينوي بها الطلاق ) ؛ لأنها كناية ، فلا يقع بها طلاق إلا بنية كالخفية ، ويشترط فيها أن تكون مقارنة للفظ ، وقيل : أوله ، وقدمه في " المحرر " وفي " الرعاية " أو قبله ، قال في " الشرح " : فإن وجدت في أوله وعريت عنه في سائره - وقع ، خلافا لبعض الشافعية ( إلا أن يأتي بها حال الخصومة والغضب ، [ ص: 278 ] فعلى الروايتين ) أشهرهما - وهو مختار كثير من الأصحاب - أنها تطلق ، قال في رواية الميموني : إذا قال لزوجته : أنت حرة لوجه الله في الغضب ، أخشى أن يكون طلاقا ، إذ دلالة الحال كالنية بدليل أنها تغير حكم الأقوال والأفعال ، فإن من قال : يا عفيف ابن العفيف حال تعظيمه ، كان مدحا ، ولو قاله حال الشتم كان ذما وقذفا .
والثانية : لا يقع ؛ لأنه ليس بصريح في الطلاق ، ولم ينوه ، فلم يقع كحالة الرضى ، وعلى المذهب لو لم يرده أو أراد غيره - لم يقبل حكما في الأشهر ( وإن جاءت جوابا لسؤالها الطلاق ، فقال أصحابنا : يقع بها الطلاق ) ؛ لأن في ذكر الكناية عقيب سؤالها دلالة ظاهرة على إرادته ، فوجب الحكم بوقوعه عملا بالدلالة الظاهرة ( والأولى في الألفاظ الذي يكثر استعمالها لغير الطلاق نحو : اخرجي ، واذهبي ، وروحي أنه لا يقع بها طلاق حتى ينويه ) ؛ لأن ما كثر استعماله إذا وجد عقيب خصومة أو غضب أو سؤال طلاق - لا يغني عن النية ؛ لأن الكثرة تصرفه عن إرادة الطلاق بخلاف ما قل ، فلو ادعى أنه لم ينو ، فالمنصوص أنه لا يصدق في عدمها ؛ لأن الجواب ينصرف إلى السؤال .
وقيل : يقبل في الحكم ؛ لأثر رواه سعيد بن عثمان ؛ ولأن قوله محتمل ، فقبل ، كما لو كرر لفظا ، وقال : أردت التأكيد .