[ ص: 284 ] وإن قال : أنت علي كالميتة والدم ، وقع ما نواه من الطلاق والظهار ، واليمين ، وإن لم ينو شيئا ، فهل يكون ظهارا أو يمينا ؛ على وجهين ، وإن قال : حلفت بالطلاق ، وكذب ، لزمه إقراره في الحكم ، ولا يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى .
( وإن قال : أنت علي كالميتة والدم ) والخمر ( وقع ما نواه ) على المذهب ( من الطلاق ) ؛ لأنه إذا نواه فهو طلاق ؛ لأنه يصلح أن يكون كناية فيه ، ويقع ما نواه من العدد ( والظهار ) إذا نواه وهو يقصد تحريمها عليه مع بقاء نكاحها ؛ لأنه يشبهه ، ويحتمل أن لا يكون ظهارا ، وجزم به في " عيون المسائل " كما لو قال : أنت علي كظهر البهيمة .
( واليمين ) وهو يريد بذلك ترك وطئها - لا تحريمها ولا طلاقها - فهو يمين ؛ ولأن فائدة كونه يمينا ترتب الحنث والبر ، ثم ترتب الكفارة وعدمها ، وفي ذلك نظر من حيث إن قوله : كالميتة ليس بصريح في اليمين ؛ لأنه لو كان صريحا لما انصرف إلى غيرها بالنية ، وإذا لم يكن صريحا لم تلزمه الكفارة ؛ لأن اليمين بالكناية لا تنعقد ؛ لأن الكفارة إنما تجب لهتك القسم ( وإن لم ينو شيئا ، فهل يكون ظهارا أو يمينا ؛ على وجهين ) هما روايتان أصحهما : أنه ظهار ؛ لأن معناه : أنت حرام علي كالميتة والدم ، فإن تشبيهها بهما يقتضي التشبيه بهما في الأمر الذي اشتهر أنه هو التحريم ؛ لقوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم [ المائدة : 3 ] .
والثاني : أنه يمين ؛ لأن الأصل براءة الذمة ، فإذا أتى بلفظ محتمل ، ثبت فيه أقل الحكمين ؛ لأنه اليقين ، وما زاد مشكوك فيه ( وإن قال : حلفت بالطلاق ) أو قال : علي يمين بالطلاق ( وكذب ، لزمه إقراره في الحكم ) على الأصح ؛ لأنه خلاف ما أقر به ؛ ولأنه إذا أقر ثم قال : كذبت - كان جحودا بعد الإقرار ، فلا يقبل كما لو أقر بدين ثم أنكر .
والثانية : لا يلزمه شيء ؛ لأنه لم يحلف ، واليمين إنما تكون بالحلف ( ولا يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى ) على الأصح ؛ لأنه يحتمل ما قاله ؛ [ ص: 285 ] لأن الذي قصد الكذب لا نية له في الطلاق ، فلا يقع به شيء ؛ لأنه ليس بصريح في الطلاق ، فلم يقع به كسائر الكنايات ، وحكى في " زاد المسافر " عن الميموني أن أحمد قال : إذا قال : حلفت بالطلاق ، ولم يكن حلف - يلزمه الطلاق ، ويرجع إلى نيته في الثلاث والواحدة ، وقال القاضي : مقتضى قول أحمد : يلزمه الطلاق - أي : في الحكم ، ويجعل أنه طلاق إذا نواه .
فرع : يقبل قوله في قدر ما حلف به ، وفي الشرط الذي علق اليمين به ؛ لأنه أعلم بحاله ، ويمكن حمل كلامأحمد على هذا ، فيلزمه في ظاهر الحكم لا فيما بينه وبين الله تعالى .