حكي عن أبي بكر أنه لا يصح الاستثناء في الطلاق ، والمذهب : أنه يصح استثناء ما دون النصف ، ولا يصح فيما زاد عليه ، وفي النصف وجهان ، فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة - طلقت اثنتين ، وإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا ، أو ثلاثا إلا اثنتين ، أو خمسا إلا ثلاثا ، أو ثلاثا إلا ربع طلقة ، طلقت ثلاثا ، وإن قال : أنت طالق طلقتين إلا واحدة ، فعلى وجهين .
وإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة ، فهل تطلق ثلاثا أو اثنتين ؛ على وجهين ، وإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة - لم يصح ، أو طالق وطالق وطالق إلا واحدة ، أو طلقتين وواحدة إلا واحدة ، أو طلقتين ونصفا إلا طلقة - طلقت ثلاثا ، ويحتمل أن تقع طلقتان .
وإن قال : أنت طالق ثلاثا ، واستثنى بقلبه إلا واحدة - وقعت الثلاث ، وإن قال : نسائي طوالق ، واستثنى واحدة بقلبه - لم تطلق .
باب
الاستثناء في الطلاق
الاستثناء : إخراج بإلا أو إحدى أخواتها ، قيل : من متكلم واحد ؛ لوقوعه في القرآن ، والسنة ، ولسان العرب ( حكي عن أبي بكر أنه لا يصح الاستثناء في الطلاق ) ؛ لأن الطلاق لا يمكن رفعه بعد إيقاعه ، ولو صح لرفعه ( والمذهب : أنه يصح استثناء ما دون [ ص: 306 ] النصف ) في الطلاق والإقرار ؛ لأنه استثناء فيه ، فجاز كما في عدد المطلقات ، وليس الاستثناء رافعا لواقع ، وإنما هو مانع لدخول المستثنى في المستثنى منه ( ولا يصح فيما زاد عليه ) أي : على النصف ، أي : لا يصح استثناء الكل ، ولا الأكثر ، نص عليه ونصره في " الشرح " ، وقواه ابن حمدان ، وقيل : يصح فيه ، وهو قول الأكثر ( وفي النصف وجهان ) وذكر أبو الفرج وصاحب " الروضة " روايتين ، ظاهر المذهب صحته ، وجزم به في " الوجيز " ، وجاز الأكثر إن سلم في قوله تعالى : إلا من اتبعك من الغاوين [ الحجر : 42 ] ؛ لأنه لم يصرح بالعدد ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12838أبو يعلى الصغير أنه استثناء بالصفة ، وهو في الحقيقة تخصيص ، وأنه يجوز فيه الكل نحو : اقتل من في الدار إلا بني تميم ، وهم بنو تميم ، فيحرم قتلهم ، وسيأتي في الإقرار ( فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة - طلقت اثنتين ) ؛ لأن الواحدة دون النصف ( وإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا ) طلقت ثلاثا بغير خلاف ( أو ثلاثا إلا اثنتين ) وقع ثلاث - بناء على أنه لا يصح استثناء الأكثر ( أو خمسا إلا ثلاثا ) وقعت الثلاث ؛ لأن الاستثناء إن عاد إلى الخمس فقد استثنى الأكثر ، وإن عاد إلى الثلاث التي يملكها فقد رفع جميعها ، وكلاهما غير صحيح ، وإن صح الأكثر فثنتان ، وإن قال : خمسا إلا طلقة ، فقيل : يقع اثنتان ، وقيل : ثلاث ( أو ثلاثا إلا ربع طلقة ، طلقت ثلاثا ) ؛ لأن الطلقة الناقصة تكمل ، فتصير ثلاثا ضرورة أن الطلاق لا يتبعض ، وفي " الرعاية " وجه أنها تطلق اثنتين .
( وإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة ، فهل تطلق ثلاثا أو اثنتين ؛ على وجهين ) لا يصح الاستثناء من الاستثناء في الطلاق - خلافا لـ " الرعاية " - إلا في مسألة واحدة ، وهي : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة - في أحد الوجهين ، ذكره في " الكافي " و " الشرح " وجزم به في " الوجيز " ؛ لأنه استثناء الواحدة مما قبلها ، فتبقى واحدة ، وهي مستثناة من ثلاثة ، فتصير كقوله : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة ، ويمكن أن يقال : إن الواحدة مخرجة من الثلاث لإبطال استثناء الثنتين ، والثاني : تطلق ثلاثا ؛ لأن استثناء الثنتين لا يصح ؛ لكونهما أكثر من النصف ، ولا يصح استثناء الواحدة ؛ لأنه استثناء من استثناء باطل .
( وإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة - لم يصح ) ويقع الثلاث ؛ لأن استثناء الأول باطل ، ولا يصح الاستثناء منه ، وقيل : يعود استثناء الواحدة إلى أول الكلام ، فتقع طلقتان ( أو طالق وطالق وطالق إلا واحدة ، أو طلقتين وواحدة إلا واحدة أو طلقتين ونصفا إلا طلقة - طلقت ثلاثا ) على المذهب ؛ لأن تصحيح الاستثناء يجعل المستثنى منه لغوا ، فبطل كاستثناء الجمع ( ويحتمل أن تقع طلقتان ) ذكر في " الواضح " أنه أشبه ؛ لأن العطف بالواو يجعل الجملتين كالجملة الواحدة ، فتصير الواحدة مستثناة من الثلاث ، فلو كان العطف بالفاء أو ثم ، لم يصح الاستثناء .
( وإن قال : أنت طالق ثلاثا ، واستثنى بقلبه إلا واحدة - وقعت الثلاث ) ؛ لأن العدد نص فيما يتناوله ، فلا يرتفع بالنية ؛ لأن اللفظ أقوى ، ولو ارتفع بالنية لرجح المرجوح على الراجح ، وقال أبو الخطاب - وقدمه في " الرعاية " : يلزمه الثلاث حكما ، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ، وكذا الخلاف لو قال : نسائي الأربع طوالق واستثنى واحدة بقلبه ، وإن لم يقل الأربع - ففي الحكم روايتان ( وإن قال : نسائي طوالق ، واستثنى واحدة بقلبه - لم تطلق ) ؛ لأنه لا يسقط اللفظ ، وإنما استعمل العموم في الخصوص ، وذلك شائع بخلاف ما قبلها ، وهل يقبل في الحكم ؛ على روايتين ، وفي " الترغيب " : إذا قال : أربعتكن طوالق إلا فلانة - لم تصح على الأشبه ؛ لأنه صريح وأوقع ، ويصح أربعتكن إلا فلانة طوالق ، وإن استثنى من سألته طلاقها - دين ، ويتوجه أنه كنسائي الأربع ، ولم يقبل في الحكم ؛ لأن السبب لا يجوز إخراجه ، وقيل : يقبل لجواز تخصيص العام ، وإن قالت : طلق نساءك ، فقال : نسائي طوالق - طلقت ؛ لأن اللفظ لا يقتصر على سببه ، وإن استثناها قبل في الحكم ؛ لأن السبب يدل على نيته .