إذا قال : أنت طالق غدا ، أو يوم السبت ، أو في رجب - طلقت بأول ذلك ، وإن قال : أنت طالق اليوم أو في هذا الشهر - طلقت في الحال ، وإن قال : أردت في آخر هذه الأوقات - دين وهل يقبل في الحكم ؛ يخرج على روايتين ، وإن قال : أنت طالق اليوم وغدا ، أو بعد غد ، أو في اليوم ، وفي غد ، وفي بعده فهل تطلق واحدة أو ثلاثا ؛ على وجهين ، وقيل : تطلق في الأول واحدة ، وفي الثانية ثلاثا وإن قال : أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم - طلقت في آخر جزء منه ، وقال أبو بكر : لا تطلق وإن قال : أنت طالق يوم يقدم زيد ، فماتت غدوة ، وقدم بعد موتها ، فهل وقع بها الطلاق ؛ على وجهين ، وإن قال : أنت طالق في غد ، أو إذا قدم زيد ، فماتت قبل قدومه - لم تطلق ، وإن قال : أنت طالق اليوم غدا ، طلقت اليوم واحدة ، إلا أن يريد طالق اليوم وطالق غدا ، أو نصف طلقة اليوم ، ونصفها غدا ، فتطلق اثنتين ، وإن نوى نصف طلقة اليوم ، وباقيها غدا احتمل وجهين ، وإن قال : أنت طالق إلى شهر ، أو حول - طلقت عند انقضائه ، إلا أن ينوي طلاقها في الحال ، وإن قال : أنت طالق آخر الشهر أو أول آخره ، طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه وإن قال : في آخر أوله ، طلقت في آخر يوم من أوله ، وقال أبو بكر : تطلق في المسألتين بغروب شمس الخامس عشر منه ، فإن قال : إذا مضت سنة فأنت طالق ، طلقت إذا مضى اثنا عشر شهرا بالأهلة ، ويكمل الشهر الذي حلف في أثنائه بالعدد فإن قال : إذا مضت السنة فأنت طالق ، طلقت بانسلاخ ذي الحجة ، وإن قال : أنت طالق في كل سنة طلقة ، طلقت الأولى في الحال ، والثانية في أول المحرم ، وكذا الثالثة ، فإن قال : أردت بالسنة اثني عشر شهرا - دين ، وهل يقبل في الحكم ؛ يخرج على روايتين ، وإن قال : أردت أن يكون ابتداء السنين المحرم - دين ، ولم يقبل في الحكم ، وإن قال : أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم ليلا ، لم تطلق ، إلا أن يريد باليوم الوقت ، فتطلق ، وإن قدم به ميتا أو مكرها ، لم تطلق .
( وإن قال : أنت طالق اليوم أو في هذا الشهر - طلقت في الحال ) ؛ لأن اليوم والشهر ظرف لإيقاع الطلاق ، فوجب أن يقع إذن ، وكذا إن قال في الحول ، وعنه : أنه في رأسه ، اختاره ابن أبي موسى ، قال في " الفروع " : وهي أظهر ( وإن قال : أردت في آخر هذه الأوقات - دين ) في الأصح ؛ لأنه يجوز [ ص: 317 ] أن يريد ذلك ، فلا يلزمه الطلاق في غيره ( وهل يقبل في الحكم ؛ يخرج على روايتين ) أظهرهما القبول ؛ لأن آخر الشهر منه ، فإرادته لا تخالف ظاهره ، وكذا وسطه ، إذ ليس أوله أولى في ذلك من وسطه ، والثانية : لا يقبل ؛ لأنه لو أطلق تناول أوله ، وكلامه شامل للصورتين ، وهو قول ، والمنصوص : أنه لا يدين ولا يقبل حكما ، فلو قال : أنت طالق في أول رمضان ، أو مجيئه ، أو غرته - طلقت بأول جزء منه ، ولا يقبل قوله : نويت آخره ، أو وسطه ؛ لأنه لا يحتمله ، فلو قال : أردت بالغرة اليوم الثاني ، قبل منه ؛ لأن الثلث الأول من الشهر يسمى غررا .
( وإن قال : أنت طالق اليوم وغدا ، أو بعد غد ، أو في اليوم ، وفي غد ، وفي بعده فهل تطلق واحدة أو ثلاثا ؛ على وجهين ) أحدهما : تطلق واحدة إلا أن ينوي أكثر ، جزم به بعض أصحابنا ؛ لأنها إذا طلقت اليوم ، فهي طالق في غد ، وفي بعده ، وكقوله : كل يوم ذكره في " الانتصار " والثاني : ثلاثا ؛ لأن ذكره في أوقات الطلاق يدل على تعداده ( وقيل : تطلق في الأول واحدة ) ؛ لأن من طلقت في اليوم الأول يصح أن يقال : هي طالق في الثاني والثالث ( وفي الثانية ثلاثا ) وهذا القول قدمه في " المحرر " ، و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ؛ [ ص: 318 ] لأن إعادة " في " تقتضي فعلا ، فكأنه قال : أنت طالق في اليوم ، وأنت طالق في غد ، وأنت طالق في بعد غد ، قال في " الفروع " : ويتوجه أن يخرج أنت طالق كل يوم أو في كل يوم - على هذا الخلاف ( وإن قال : أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم - طلقت في آخر جزء منه ) نص عليه ، واختاره أبو الخطاب ، ونصره في " الشرح " ، قال ابن حمدان : وهو أظهر ؛ لأن خروج اليوم يفوت به طلاقها ، فوجب وقوعه قبله في آخر وقت الإمكان ، كما لو مات أحدهما في اليوم ( وقال أبو بكر : لا تطلق ) وقدمه في " الرعاية " ؛ لأن شرط طلاقها خروج اليوم ، وبخروجه يفوت محل طلاقها ، قال في " المغني " : ويبطل هذا بما إذا مات أحدهما في اليوم ، فإن محل الطلاق يفوت بموته ، ومع ذلك فإنها تطلق قبل موته ، فكذا هنا ، وكذا إن أسقط اليوم الأخير ، وإن أسقط الأول ، وقع قبل آخره ، وقيل : بعد خروجه ، ويأتي إن أسقطهما ، واحتج بها المؤلف على ضعف قول أبي بكر ، فدل أنها مثلها ، وأنه لا يقع فيها على قول أبي بكر .
مسائل : إذا قال : أنت طالق إن لم أتزوج عليك اليوم ، أو إن لم أشتر لك ثوبا اليوم ، فالخلاف كقوله لعبده : إن لم أبعك اليوم فامرأته طالق ، ولم يبعه حتى خرج اليوم ، وإن مات العبد أو عتق ، أو مات الحالف أو المرأة في اليوم - طلقت ؛ لأنه قد فات بيعه ، وإن دبره أو كاتبه فلا ، ومن منع بيعها قال : تطلق ، وإن وهب العبد لم تطلق ؛ لأنه يمكن عوده إليه ببيعه ، وإن قال : إن لم أبع عبدي فامرأتي طالق ، وكاتب العبد - لم تطلق ؛ لأنه يمكن عجزه ، فلم يعلم فوات البيع ، وإذا قال : إذا مضى يوم فأنت طالق ، فإن كان نهارا وقع إذا عاد النهار إلى مثل وقته ، وإن كان ليلا فبغروب شمس الغد .
[ ص: 319 ] ( وإن قال : أنت طالق يوم يقدم زيد ، فماتت غدوة ، وقدم بعد موتها ، فهل وقع بها الطلاق ؛ على وجهين ) أحدهما : تطلق من أوله ، قال في " الشرح " : وهو أولى كما لو قال : أنت طالق يوم الجمعة ، وقيل : بعد قدومه ، قدمه في " الرعاية " ؛ لأنه جعل قدومه شرطا ، فلا تطلق قبله ، والثاني : لا تطلق ؛ لأن شرطه قدوم زيد ، ولم يوجد إلا بعد موت المرأة ، فلم يقع بخلاف يوم الجمعة ، وينبني عليها الإرث ، فلو مات الرجل غدوة ، ثم قدم زيد أو مات الزوجان قبل قدوم زيد - كان الحكم كما لو ماتت المرأة .
فرع : إذا قال : أنت طالق في شهر رمضان إن قدم زيد ، فقدم زيد فيه - فوجهان ، أحدهما : لا تطلق حتى يقدم زيد ؛ لأن قدومه شرط فيه ، والثاني : أنه إن قدم زيد تبينا وقوع الطلاق من أول الشهر ، وهو أصح ، قاله في " الشرح " .
وإن قال : أنت طالق غدا أمس ، أو عكس ، طلقت طلقة غدا ، قال ابن حمدان : ويحتمل عدمها .
( وإن قال : أنت طالق في غد ، أو إذا قدم زيد ، فماتت قبل قدومه - لم تطلق ) صححه السامري ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأن الوقت الذي أوقع طلاقها فيه لم يأت ، وهي محل الطلاق ، فلم تطلق كما لو ماتت قبل دخول ذلك اليوم ، وقيل : إن قدم فيه طلقت بعد قدومه ، وقيل : من أوله ، وظاهره : أنه إذا قدم بعد الغد أنها لا تطلق ( وإن قال : أنت طالق اليوم غدا ، طلقت اليوم واحدة ) ؛ لأن من طلقت اليوم فهي طالق غدا ( إلا أن يريد طالق اليوم وطالق غدا ) [ ص: 320 ] فتطلق اثنتين في اليومين ، فإن قال : أردت أنها تطلق في أحد اليومين ، طلقت اليوم ولم تطلق غدا ؛ لأنه جعل الزمان كله ظرفا للطلاق ، فوقع في أوله ( أو نصف طلقة اليوم ونصفها غدا ، فتطلق اثنتين ) ؛ لأن كل نصف يكمل ضرورة عدم تبعيض الطلاق ( وإن نوى نصف طلقة اليوم ، وباقيها غدا احتمل وجهين ) أصحهما : أنها تطلق واحدة ؛ لأنه إذا قال : نصفها اليوم كملت ، فلم يبق لها بقية يقع غدا ، ولم يقع شيء غيرها ؛ لأنه ما أوقعه ، والثاني : تقع اثنتان في اليومين .
( وإن قال : أنت طالق إلى شهر ، أو حول - طلقت عند انقضائه ) روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وأبي ذر ؛ لأنه جعل ذلك غاية للطلاق ولا غاية لآخره ، فوجب أن يجعل غاية لأوله ؛ ولأن هذا يحتمل أن يكون مؤقتا لإيقاعه ، فلم يقع الطلاق بالشك ، وعنه : تطلق إذن كنيته ، وذكر ابن عقيل الخلاف مع النية ، وكقوله : أنت طالق إلى مكة ، ولم ينو بلوغها مكة ، وإن قال : بعد مكة ، وقع إذن ( إلا أن ينوي طلاقها في الحال ) ؛ لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ ، ولفظه يحتمله .
فرع : إذا قال : أنت طالق من اليوم إلى سنة طلقت في الحال ؛ لأن " من " لابتداء الغاية ، فيقتضي أن طلاقها في اليوم ، فإن أراد وقوعه بعد سنة ، لم يقع إلا بعدها ، وإن قال : أردت تكرير طلاقها من حين لفظت به إلى سنة ، طلقت من ساعتها ثلاثا إذا كانت مدخولا بها .
( وإن قال : أنت طالق من آخر الشهر أو أول آخره ، طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه ) اختاره الأكثر ؛ لأن آخر الشهر آخر يوم منه ؛ ولأنه إذا علق [ ص: 321 ] الطلاق على وقت تعلق بأوله ، وقيل : تطلق في الأولى بآخر جزء منه ، فيحرم وطؤه في تاسع عشرين ، ذكره في " المذهب " ، قال في " الفروع " : ويتوجه تخريج .
( وإن قال : في آخر أوله ، طلقت في آخر يوم من أوله ) على المذهب ؛ لأن ذلك آخر يوم من أوله ( وقال أبو بكر : تطلق في المسألتين بغروب شمس الخامس عشر منه ) ؛ لأن نصف الشهر فما دون يسمى أوله ، فإذا شرع في النصف الثاني صدق أنه آخره ، فيجب أن يتحقق الحنث ؛ لأنه أول آخره وآخر أوله ، والأول أصح ، وهو قول أكثر العلماء ؛ لأن ما عدا اليوم الأول لا يسمى أول الشهر ، ويصح بنية عنه ، فإن قال : في أول الشهر أو فيه ، فبدخوله ( فإن قال : إذا مضت سنة فأنت طالق ، طلقت إذا مضى اثنا عشر شهرا بالأهلة ) أي : إذا كان حلفه في أول الشهر ؛ لأن السنة كلها معتبرة بالأهلة ؛ لأنها السنة التي جعلها الله تعالى مواقيت للناس بالنص ( ويكمل الشهر الذي حلف في أثنائه بالعدد ) أي : إذا كان الحلف في أثناء الشهر وجب تكميل الشهر بالعدد ثلاثين يوما ، وصفته إذا كان قد مضى منه عشرة أيام ناقصا ، بقي تسعة عشر يوما ، فإذا فرغ من الأحد عشر بالأهلة ، أضاف إلى التسعة عشر أحد عشر يوما ، وعنه : أنه يعتبر العدد في الشهور كلها ، وهو ظاهر كلامه في الصوم ؛ لأنه لما صام نصف الشهر ، وجب تكميله من الذي يليه ، فكان ابتداء الثاني من نصفه ، فيكمل من الذي يليه وهلم جرا .
فرع : إذا قال : أردت سنة شمسية أو عددية ، قبل منه ؛ لأنها سنة حقيقية [ ص: 322 ] كما يقبل إذا قال : أردت سنة إذا انسلخ ذو الحجة .
( فإن قال : إذا مضت السنة فأنت طالق ، طلقت بانسلاخ ذي الحجة ) ؛ لأنه لما ذكرها بلام التعريف انصرف إلى السنة المعروفة ، وهي التي آخرها ذو الحجة ، ووقع في مختصر ابن رزين أن إشارته إليها كتعريفها ، فإن قال : أردت سنة كاملة ، دين ، وهل يقبل في الحكم ؛ على روايتين ، ذكره في " الكافي " وغيره ( وإن قال : أنت طالق في كل سنة طلقة ، طلقت الأولى في الحال ) ؛ لأنه جعل السنة ظرفا للطلاق ، فيقع إذن ( والثانية في أول المحرم ) ؛ لأن السنة الثانية ظرف للطلقة ، فتطلق في أولها ( وكذا الثالثة ) ومحله إذا أدخلنا عليها وهي في نكاحه ، أو ارتجعها في عدة الطلاق ، أو جدد نكاحها بعد أن بانت منه ، فإذا دخلت الثانية لم تطلق ، فإذا تزوجها في أثنائها وقعت الطلقة عقب العقد في ظاهر قول أكثر أصحابنا ، وقال ابن حمدان : إن صح تعليق الطلاق بالنكاح ، وقال القاضي : تطلق بدخول السنة الثانية ، وعلى قول التميمي ومن وافقه تنحل الصفة بوجودها حال البينونة ، فلا تعود بحال ، وكذا إن لم يتزوجها حتى دخلت الثالثة ، ثم نكحها - فإنها تطلق عقب تزويجها ، ولو دامت بائنا حتى مضى العام الثالث لم تطلق بعده ، واختلف في مبدأ السنة الثانية ، فقدم في " الكافي " أن أولها بعد انقضاء اثني عشر شهرا من حين يمينه ، وقال أبو الخطاب : أولها المحرم ؛ لأنها السنة المعروفة .
( فإن قال : أردت بالسنة اثني عشر شهرا - دين ) ؛ لأن ذلك سنة حقيقية ( وهل يقبل في الحكم ؛ يخرج على روايتين ) أصحهما : القبول ؛ لأنها سنة حقيقية ، والثانية : [ ص: 323 ] لا ؛ لمخالفة الظاهر ( وإن قال : أردت أن يكون ابتداء السنين المحرم - دين ) ؛ لأنه يحتمل ( ولم يقبل في الحكم ) ذكره القاضي ؛ لأنه خلاف الظاهر ، قال المؤلف : والأولى أن يخرج على روايتين ( وإن قال : أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم ليلا ، لم تطلق ) نص عليه ؛ لأنه لم يوجد الشرط ، إذ اليوم اسم لبياض النهار ، ولم يوجد ، وفي " الواضح " : يحتمل وجهين ، فلو قدم نهارا طلقت ، قيل : عقبه ، وقيل : من أوله ، وعليها ينبني الإرث ( إلا أن يريد باليوم الوقت ، فتطلق ) وقت قدومه ؛ لأن الوقت يسمى يوما ؛ لقوله تعالى : ومن يولهم يومئذ دبره [ الأنفال : 16 ] وقيل : إذا لم ينو شيئا فهو كمن نوى الوقت ( وإن قدم به ميتا أو مكرها ) محمولا أو ماشيا ( لم تطلق ) وهو المذهب ؛ لأنه لم يقدم ، وإنما قدم به ، إذ الفعل ينسب إلى فاعله ، يقال : دخل الطعام البلد ، وهو لا يدخل بنفسه ، ولا ينسب إلى غيره إلا مجازا ، وعنه : يحنث ، نقلها محمد بن الحكم ، واختارها أبو بكر في " التنبيه " ، فإن مات في غيبته فذكر أبو بكر أنها تطلق ، والمذهب خلافه ، واقتضى ذلك أنه إذا قدم مختارا فإنه يحنث الحالف - قولا واحدا ، وقال ابن حامد : إن كان يمتنع باليمين من القدوم فجهل اليمين أو نسيها ، فروايتان ، وينبغي أن تعتبر على هذا نية الحالف ، وقرائن أحواله الدالة على قصده ، ومتى أشكل الحال ، وقع .