( ولا يصح إلا بشروط ثلاثة : أحدهما : أن يكون بين زوجين ) لقوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة [ النور : 4 ] ثم خص الأزواج من عمومها بقوله والذين يرمون أزواجهم [ النور : 6 ] فيبقى ما عداه على مقتضى العموم . ( عاقلين بالغين ) لأنه إما يمين ، أو شهادة ، وكلاهما لا يصح من مجنون ، ولا غير بالغ ; إذ لا عبرة [ ص: 82 ] بقولهما ( سواء كانا مسلمين ، أو ذميين ، أو رقيقين ، أو فاسقين ، أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين ) ، أي : يصح بينهما مطلقا إذا كانا مكلفين . نقله واختاره الأكثر ، وذكر ابن هبيرة أنه أظهر الروايتين لعموم قوله تعالى : والذين يرمون أزواجهم الآية ، ولأن اللعان يمين بدليل قوله عليه السلام nindex.php?page=hadith&LINKID=10340193لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ولأنه يفتقر إلى اسم الله تعالى ويستوي فيه الذكر ، والأنثى ، ولأن الزوج يحتاج إلى نفي الولد فشرع له اللعان طريقا إلى نفيه كما لو كانت ممن يحد بقذفها . ( والأخرى : لا يصح إلا بين زوجين مسلمين حرين عدلين ) ، اختاره الخرقي وعلله أحمد بأنه شهادة لقوله تعالى : ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فجعلهم شهداء . وقال تعالى فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله [ النور : 6 ] وعنه : لا لعان بقذف غير المحصنة ، وهي الأمة ، والذمية ، والمحدودة في الزنا لزوجها ، لعانها لنفي الولد خاصة وليس له لعانها لإسقاط حد القذف والتعزير . ذكره القاضي . وعنه : المحصنة وزوجها المكلف لقوله تعالى : والذين يرمون المحصنات وأما تسميته شهادة فلقوله في يمينه أشهد بالله ، وحاصله أن الملاعنة كل زوجة عاقلة بالغة . وعنه : مسلمة حرة عفيفة . ( فإن اختل شرط منها في أحدهما ، فلا لعان بينهما ) لأن المشروط يفوت بفوات شرطه ، والأولى هي المنصوصة عن أحمد في رواية الجماعة وما يخالفها شاذ في النقل .
( وإذا قذف أجنبية ) ثم تزوجها حد ولم يلاعن ; لأنه وجب في حال كونها أجنبية ، أشبه ما لو لم يتزوجها ، فلو قذفها ولم يتزوجها فعليه الحد إن [ ص: 83 ] كانت محصنة وإلا عزر . ( أو قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد ، ولم يلاعن ) وقاله nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور سواء كان ثم ولد ، أو لا ; لأنه قذفها بزنا مضافا إلى حال البينونة . أشبه ما لو قذفها ، وهي بائن . وفارق قذف الزوجة ; لأنه محتاج إليه . وعنه : له لعانها لعموم الآية . وعنه : لنفي الولد ، قدمه في " الكافي " . والأول المذهب ; لأنه إن كان بينهما ولد ، فهو محتاج إلى نفيه وهنا إذا تزوجها ، وهو يعلم زناها ، فهو المفرط في نكاح حامل من الزنا .
فرع : إذا ملك أمة ، وقذفها ، فلا لعان ويعزر فقط . ( وإن أبان زوجته ، ثم قذفها بزنا في النكاح ) أي : إذا أبان زوجته ، ثم قذفها بزنا أضافه إلى حال الزوجية ، أو العدة وبينهما ولد لاعن لنفيه ; لأنه يلحقه نسبه بحكم عقد النكاح ، فكان له نفيه . ويفارق إذا لم يكن له ولد ، فإنه لا حاجة إلى القذف لكونها أجنبية ، وسائر الأجنبيات لا يلحقه ولدهن ، فلا حاجة إلى قذفهن . وحكى في " الانتصار " عن أصحابنا : إن أبانها ، ثم قذفها بزنا في الزوجية أنه يلاعن ، وعلى الأول متى لاعنها لنفي ولدها انتفى وسقط عنه الحد . وفي ثبوت التحريم المؤبد وجهان . ( أو قذفها في نكاح فاسد وبينهما ولد لاعن لنفيه وإلا حد ، ولم يلاعن ) ، لما ذكرناه . فلو لاعنها من غير ولد لم يسقط الحد ، ولم يثبت التحريم المؤبد ; لأنه لعان فاسد ، وسواء اعتقد أن النكاح صحيح أم لا .
فرع : إذا قال أنت طالق يا زانية ثلاثا لاعن . نص عليه لإبانتها بعد قذفها وكقذف الرجعية قيل لأحمد : فإنهم يقولون يحد ، ولا يلزمها إلا [ ص: 84 ] واحدة ، فقال : بئس ما يقولون . وإن قال : أنت طالق ثلاثا يا زانية لم يلاعن . نص عليه ، وهو محمول على من بينهما ولد ; لأنه يعين إضافة قذفها إلى حال الزوجية لاستحالة الزنا منها بعد طلاقه لها .
فائدة : سئل أحمد عن رجل طلق واحدة أو اثنتين ، ثم قذفها . قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا يلاعن ويجلد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : يلاعن ما كانت في العدة ، قال : وقول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أجود ; لأنها زوجه .
مسألة : إذا اشترى زوجته الأمة ، ثم أقر بوطئها ثم أتت بولد لستة أشهر كان لاحقا به إلا أن يدعي الاستبراء فينتفي عنه . وإن لم يكن أقر بوطئها ، أو أقر به فأتت بولد لدون ستة أشهر منذ وطئ كان ملحقا بالنكاح إن أمكن ، وله نفيه بلعان . ذكره في " المغني " و " الشرح " .
وكل موضع قلنا لا لعان فيه ، فالنسب لاحق به ، ويجب بالقذف موجبه [ ص: 85 ] من الحد ، أو التعزير إلا أن يكون القاذف صغيرا ، أو مجنونا ، فلا شيء فيه في قول أكثر العلماء .
( وإن قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر ) ، لأن القذف لا يسقط عن درجة السب ، وهو يوجبه فكذا هنا . وظاهره أنه لا حد وصرح به في " المغني " وغيره ; لأن الحد لا يجب عليهما بفعل الزنا . ( ولا لعان بينهما ) ، لأنه قول تحصل به الفرقة ، فلا يصح من غير مكلف كالطلاق ، أو يمين ، فلا يصح من غير مكلف كسائر الأيمان . فإن ادعى أنه كان زائل العقل حين قذفه فأنكرت ذلك ، ولأحدهما بينة - عمل بها ، وإلا قبل قولها مع يمينها ; لأن الأصل ، والظاهر السلامة والصحة . وإن عرفت له حال جنون ، وحالة إفاقة قبل قولها في الأصح .
وإن قذفها ، وهي طفلة ، لا يجامع مثلها ، فلا حد لتيقننا كذبه لكنه يعزر للسب ، ولا يحتاج في التعزير إلى مطالبة . فإن كانت يجامع مثلها كابنة تسع حد . وليس لها ، ولا لوليها المطالبة به حتى تبلغ ، فإذا بلغت وطالبت حد وله إسقاطه باللعان وليس له لعانها قبل البلوغ ; لأنه يراد لإسقاط الحد ، أو نفي الولد .
فرع : إذا قذف امرأته المجنونة بزنا أضافه إلى حال إفاقتها ، أو قذفها ، وهي عاقلة ، ثم جنت لم يكن لها المطالبة ، ولا لوليها قبل إفاقتها ; لأن هذا طريقة التشفي ، فإذا أفاقت فلها المطالبة وله اللعان ، فإن أراد لعانها في حال جنونها ، ولا ولد ينفيه لم يكن له ذلك . وإن كان ثم ولد يريد نفيه [ ص: 86 ] فالذي يقتضيه المذهب أنه لا يلاعن ويلحقه الولد . وقال القاضي : له أن يلاعن لنفيه ; لأنه محتاج إلى ذلك .