كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة ، فلا عدة عليها ، وإن خلا بها وهي مطاوعة فعليها العدة ، سواء كان بهما ، أو بأحدهما مانع من الوطء كالإحرام ، والصيام ، والحيض ، والنفاس ، والمرض ، والجب ، والعنة ، أو لم يكن إلا ألا يعلم بها كالأعمى ، والطفل ، فلا عدة عليها .
كتاب العدد
العدد جمع عدة بكسر العين فيهما ، وهي ما تعده من أيام أقرائها وحملها ، أو أربعة أشهر وعشر ليال . قال ابن فارس ، والجوهري : عدة المرأة أيام أقرائها . والمرأة معتدة ، وهي في الشرع : اسم لمدة معلومة تتربص فيها المرأة لتعرف براءة رحمها ، وذلك يحصل بوضع حمل ، أو مضي أقراء ، أو أشهر . والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى :والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [ البقرة : 228 ] واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] . والأحاديث شهيرة في ذلك ، والمعنى يشهد له ; لأن رحم المرأة ربما كان مشغولا بماء شخص . وتمييز الأنساب مطلوب في نظر الشارع ، والعدة طريق إليه . ( كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس ) وهو اللمس باليد ، ثم استعير للجماع ; لأنه مستلزم للمس غالبا . ( والخلوة ، فلا عدة عليها ) ، إجماعا لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات الآية [ الأحزاب : 49 ] ، ولأن العدة إنما وجبت في الأصل لبراءة الرحم ، وكذا إذا كان بعدها ، والزوج ممن لا يولد لمثله .
( وإن خلا بها ) خلافا لـ " عمد الأدلة " ( وهي مطاوعة ) مع علمه بها ( فعليها العدة ، سواء كان بهما ، أو بأحدهما مانع من الوطء ) شرعيا كان ، أو [ ص: 108 ] حقيقيا ، ( كالإحرام ، والصيام ، والحيض ، والنفاس ، والمرض ، والجب ، والعنة ، أو لم يكن ) ، لما روى أحمد ، والأثرم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة بن أوفى ، قال : قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا ، أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة . وهذه قضية اشتهرت ، ولم تنكر ، فكانت كالإجماع ، وضعف أحمد ما روي خلافه ، ولأنه عقد على المنافع ، فالتمكين منه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام كعقد الإجارة . والآية مخصوصة بما ذكرناه ، ولا فرق بين أن يخلو بها مع المانع حقيقيا كان كالجب ، أو شرعيا كالصوم ، أو مع عدمه ; لأن الحكم هاهنا معلق على الخلوة التي هي مظنة الإصابة دون حقيقتها . وعنه : لا يكمل الصداق مع وجود المانع ، فكذا يخرج في العدة . وعنه : أن صوم رمضان يمنع كمال الصداق مع الخلوة ، وهذا يدل على أن المانع متى كان متأكدا كالإحرام منع كمال الصداق مع الخلوة ، ولم تجب العدة ، فلو خلا بها واختلفا في المسيس قبل قول من يدعي الوطء احتياطا للأبضاع وأقرب إلى حال الخلوة . وقيل : يقبل قول المنكر ، وإن أنكر وطأها اعتدت كالموطوءة . وقيل : إن صدقته فلها حكم المدخول بها مطلقا إلا في حلها لمطلقها ثلاثا ، أو في الزنا ، فإنهما يجلدان فقط ، ( إلا ألا يعلم بها كالأعمى ، والطفل ، فلا عدة عليها ) . ولا يكمل صداقها ; لأن المظنة لا تتحقق . وكذا إن كانت صغيرة ، لا يوطأ مثلها ، أو لم تكن مطاوعة لعدم تحقق المظنة مع ظهور استحالة المسيس .