فصل الثالث : ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها وعدتها ثلاثة قروء إن كانت حرة وقرءان إن كانت أمة . والقرء : الحيض في أصح الروايتين ولا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها حتى تأتي بثلاث كاملة بعدها . فإذا انقطع دمها من الثالثة حلت في إحدى الروايتين ، والأخرى لا تحل حتى تغتسل . والرواية الثانية : القروء الأطهار . ويعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة حلت .
فصل
( الثالث : ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها ) ولو بطلقة ثالثة إجماعا ( وعدتها ثلاثة قروء إن كانت حرة ) أو بعضها لقوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [ البقرة : 228 ] ( وقرءان إن كانت أمة ) في قول أكثر العلماء لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340546طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان . رواه أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال : حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم . ولا نعرف له في العلم غير هذا الحديث . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر نحوه ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني من رواية عطية ، وهو ضعيف ، وهو قول عمر ، وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، ولا يعرف لهم في الصحابة مخالف ، وكالحد ، وكان القياس يقتضي أن تكون حيضة ونصفا كما كان حدها على النصف من الحرة ، إلا أن الحيض لا يتبعض ، فوجب تكميله كالمطلقة ، ولهذا قال عمر : لو [ ص: 117 ] أستطيع أن أجعل العدة حيضة ونصفا لفعلت . رواه البيهقي ، ولا يصح للجهالة ، أو الانقطاع ، والمدبرة ، والمكاتبة وأم الولد كالأمة .
( والقرء : الحيض في أصح الروايتين ) القروء في كلام العرب تقع على الحيض ، والطهر جميعا ، فهو من الأسماء المشتركة . قال الخليل : يقال : أقرأت المرأة إذا دنا حيضها ، وأقرأت إذا دنا طهرها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15611أحمد بن يحيى ثعلب : القروء الأوقات فقد يكون حيضا ، وقد يكون طهرا . والقول بأنه الحيض هو الأشهر ; لأنه يطلق تارة ويراد به الانتقال ، يقال : قرأ النجم ، أي : انتقل من محل إلى آخر ويراد به الجمع . يقال : ما قرأت الناقة ، أي : لم تجمع في بطنها ولدا ، فالأخذ به أولى ; لأن فيه جمعا بين حقيقتين ، وهذا هو الأظهر عن أحمد ، صححه في " المستوعب " وجزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " الرعاية " و " الفروع " ، وهو قول عمر ، وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . وروي عن أبي بكر وعثمان وأبي موسى وعبادة nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ، قال أحمد في رواية الأثرم : كنت أقول إنه الأطهار ، ثم وفقت لقول الأكابر ، ولأنه لم يعهد في لسان الشرع استعماله بمعنى الطهر في موضع ، واستعمل بمعنى الحيض في غير حديث . وظاهر النص يقتضي وجوب التربص بثلاثة كاملة ومن جعل القروء الأطهار لم يوجب ثلاثة ، ولأن العدة استبراء ، فكانت بالحيض كاستبراء الأمة . ( ولا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها حتى تأتي بثلاث كاملة بعدها ) لا نعلم فيها خلافا . ورواه البيهقي بإسناد رجاله ثقات ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ولأن المطلقة فيها لم يبق منها ما يتم مع اثنتين ثلاثة كاملة ، فلا يعتد بها ، ولأن الطلاق في الحيض إنما حرم للضرر [ ص: 118 ] بتطويل العدة ، فلو اعتدت بالحيضة المطلق فيها لكانت العدة حينئذ أقصر . ( فإذا انقطع دمها من الثالثة : حلت في إحدى الروايتين ) ، قدمها في " الكافي " و " الرعاية " واختارها أبو الخطاب للآية ، وقد كملت القروء بوجوب الغسل عليها ووجوب الصلاة وفعل الصيام وصحته منها ، ولأنه لم يبق حكم العدة في الميراث ووقوع الطلاق بها ، واللعان ، والنفقة ، فكذا هنا ( والأخرى لا تحل حتى تغتسل ) اختارها الخرقي ، والقاضي ، والشريف ، والشيرازي اعتمادا على أن هذا قول أكابر الصحابة . قال أحمد : روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كان يقول : إذا انقطع الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه ، وهو أصح في النظر . قيل له : فلم لا تقول به ؛ قال : ذلك يقول به عمر وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، فأنا انتهيت أن أخالفهم ، يعني : اعتبار الغسل ويرشحه أن الظاهر إنما تركوه عن توقيف ممن له البيان . وروي عن أبي بكر وعثمان وأبي موسى وعبادة nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء . وظاهره ولو فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك عشرين سنة . وحكاه في " الهدي " رواية ، ولكن إذا طلقها ، وهي حامل فوضعت بعد ذلك ، انقضت عدتها ، وإن لم تغتسل . نص عليه . وعنه : أنها في عدتها وله رجعتها حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها ، وجزم به في " الوجيز " ، فعلى هذا تنقطع بقية الأحكام من قطع الإرث ، والطلاق ، واللعان ، والنفقة بانقطاع الدم . رواية واحدة ، وجعلها ابن عقيل على الخلاف . ( والرواية الثانية : القروء الأطهار ) وهو قول زيد ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وعائشة . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عنهم بإسناد جيد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنا مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11947أبا بكر بن عبد الرحمن يقول : ما أدركت أحدا من [ ص: 119 ] فقهائنا إلا وهو يقول هذا . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ورجع إليه أحمد ، قال في رواية الأثرم : رأيت الأحاديث عمن قال القروء الحيض تختلف ، والأحاديث عمن قال : إنه الأطهار صحاح قوية . والعمدة فيه قوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن [ الطلاق : 1 ] أي في عدتهن كقوله : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة [ الأنبياء : 47 ] أي : في يوم القيامة . والمشروع الطلاق في الأطهار ، لا في الحيض إجماعا ، nindex.php?page=hadith&LINKID=2006161وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه طلق امرأته ، وهي حائض وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها ، ولأنها عدة عن طلاق مجرد مباح فوجب أن يعتبر عقيب الطلاق كعدة الآيسة ، والصغيرة . وجوابه : بأن المراد بقوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن ثلاث مستقبلات لعدتهن كما تقول لقيته لثلاث بقين من الشهر ، أي : مستقبلات لثلاث . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340547وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن " رواه أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . ( ويعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا ) لأن الطلاق إنما حرم في الحيض دفعا للضرر عنها بتطويل العدة عليها ، فلو لم تعتد ببقية الطهر قرءا كان الطلاق في الطهر أضر بها وأطول عليها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : إنها تعتد بثلاثة قروء سوى الطهر الذي طلقها فيه . ( ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة ) أو الأمة في الثانية ( حلت ) قاله nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وزيد وعائشة رواه عنهم الأثرم ; لأنها لو لم تحل بذلك لأدى إلى إيجاب أكثر من ثلاثة قروء ، وذلك مخالف للنص . وقيل : لا تنقضي العدة حتى يمضي من الدم يوم وليلة لجواز أن يكون الدم دم فساد ، فلا تنقضي العدة حتى يزول الاحتمال ، وليس من العدة في الأصح . وإن طلقها في سلخ طهر ، أو علقه على سلخه ، فأول عدتها [ ص: 120 ] أول طهر يأتي بعد حيضة .
فرع : كل فرقة بين زوجين بعد الدخول فعدتها عدة طلاق في قول أكثر العلماء . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : عدة الملاعنة تسعة أشهر . وعن عثمان ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وإسحاق : عدة المختلعة بحيضة . ورواه ابن القاسم ، عن أحمد . واختاره الشيخ تقي الدين في بقية الفسوخ وأومأ إليه في رواية صالح لما روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=10340548أن امرأة nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة . رواه أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال : حسن غريب . وجوابه : عموم الآية ، وكفرقة غير الخلع ، وحديثهم قال أبو بكر : هو ضعيف مرسل ، وقول عثمان ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس قد خالفه عمر وعلي ، وقولهما أولى . والصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن عدتها عدة المطلقة رواه مالك .