فصل : وإن منعها النفقة ، أو بعضها مع اليسار ، وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها وولدها بالمعروف بلا إذنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت له : إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340586خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف . فإن لم تقدر أجبره الحاكم وحبسه ، فإن لم ينفق دفع النفقة من ماله . فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ ، وقال القاضي : ليس لها ذلك ، وإن غاب ولم يترك لها نفقة ، ولم تقدر على مال له ، ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ إلا عند القاضي فيما إذا لم يثبت إعساره . ولا يجوز الفسخ في ذلك كله إلا بحكم حاكم .
فصل
( وإن منعها النفقة ، أو بعضها ) أو الكسوة ، أو بعضها ( مع اليسار ، وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها وولدها ) الصغير ( بالمعروف بلا إذنه ) نص عليه ( لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت له : إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340586خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) متفق عليه من حديث عائشة ، ولفظه nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ، وظاهره يدل على أنه يعطيها بعض الكفاية ، ولا يتمها لها ، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأخذ [ ص: 210 ] تمام الكفاية بغير علمه ; لأنه موضع حاجة ، فإن النفقة لا غنى عنها ، ولا قوام إلا بها ، ولأنها تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا فتشق المرافعة إلى الحاكم ، والمطالبة بها في كل الأوقات ، وذكر القاضي أنها تسقط بفوات وقتها عند جمع ما لم يفرضها حاكم ، بخلاف الدين ، فإنه لا يسقط عند أحد بترك المطالبة ، وفي " الروضة " القياس منعها تركناه للخبر ، وفي ولدها وجه في " الترغيب " ، لكن يرد على المذهب قوله - عليه السلام - nindex.php?page=hadith&LINKID=10340158أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك فإنه يقتضي المنع من الأخذ مطلقا ، وجوابه : حديث هند ; لأنه خاص بالنفقة فقدم على غيره .
فرع : لا تقترض على الأب ، ولا تنفق على الصغير من ماله إلا بإذن وليه ( فإن لم تقدر ) أي : على الأخذ من ماله رافعته إلى الحاكم فيأمره بالإنفاق ( أجبره الحاكم ) أي : على الإنفاق ( و ) إن أبى ( حبسه ) لأن الحاكم وضع لفصل الخصومات ، والحبس طريق إلى الفصل فتعين فعله ( فإن لم ينفق دفع ) الحاكم ( النفقة من ماله ) لأنها حق واجب عليه ، فإذا امتنع من عليه ذلك من أدائه وجب الدفع إلى مستحقه من مال خصمه كالدين ، بل أولى ; لأنها آكد من الدين بدليل جواز الأخذ بغير إذن المالك ، فإن لم يجد إلا عروضا ، أو عقارا باعه ودفع إليها من ثمنه كالنقدين ويدفعها منه يوما بيوم .
تنبيه : حكم وكيله حكمه في المطالبة ، والأخذ من المال عند امتناعه ، فإن ادعت يساره فأنكر ، فإن عرف له مال قبل قولها ، وإلا قوله ، وإن اختلفا في فرض الحاكم لها ، أو في وقتها ، فقال : فرضها منذ شهر ، فقالت : بل منذ [ ص: 211 ] عام قبل قوله ; لأن الأصل معه ( فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ ) إذا غيب الزوج ماله وتعذر الإنفاق من جهته وصبر على الحبس فلها الفسخ كما لو كان معسرا ، وهو ظاهر الخرقي ، واختاره أبو الخطاب ، وقدمه في " المحرر " ، و " الفروع " لحديث عمر : أنه كتب في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم أن ينفقوا ، أو يطلقوا . وهذا إجبار على الطلاق عند الامتناع من الإنفاق ; لأن الإنفاق عليها من ماله متعذر ، فكان لها الخيار كحال الإعسار ، بل هذا أولى بالفسخ ، فإنه إذا جاز الفسخ على المعذور فغيره أولى ( وقال القاضي ) واختاره الأكثر ، قاله في " الترغيب " ( ليس لها ذلك ) أي : لا تملك الفسخ ; لأن الفسخ لعيب المعسر ، ولم يوجد هنا ، ولأن الموسر في مظنة الأخذ من ماله ، ولأن الحاضر قد ينفق لطول الحبس . ( وإن غاب ) موسر ( ولم يترك لها نفقة ، ولم تقدر على مال له ، ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ ) لأنها تقدر على الوصول إلى نفقتها ، أشبه ما لو ثبت إعساره ، وظاهره أنه إذا ترك لها نفقة ، أو قدرت على مال له ، أو على الاستدانة عليه - أنه لا فسخ لها ; لأن الإنفاق عليها من جهته غير متعذر ( إلا عند القاضي فيما إذا لم يثبت إعساره ) لأن الفسخ ثبت لعيب الإعسار ، ولم يثبت الإعسار هنا وهذه مثل الأولى في الفسخ ، بل أولى ; لأن الحاضر ربما إذا طال عليه الحبس أنفق ، وهذا قد تكون غيبته بحيث لا يعلم خبره ، فيكون الضرر فيه أكثر ، وعلم أنه إذا ثبت إعساره أن لها الفسخ مطلقا .
تذنيب : إذا كان له عليها دين من جنس الواجب لها من النفقة فأراد أن [ ص: 212 ] يحتسب عليها ، وهي موسرة ، فله ذلك ، وإن كانت معسرة فلا ; لأن قضاء الدين في الفاضل عن الكفاية ، ولا فضل لها ، فلو أنفق عليها من مال زوجها الغائب ، ثم تبين أنه مات قبل إنفاقه حسب عليها ، أنفقته بنفسها ، أو بأمر الحاكم بغير خلاف نعلمه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12737ابن الزاغوني : إذا ثبت عند الحاكم صحة النكاح ومبلغ المهر ، فإن علم مكانه ، كتب : إن سلمت إليها حقها ، وإلا بعث عليك بقدره ، فإن أبى ، أو لم يعلم بمكانه باع بقدر نصفه لجواز طلاقه قبل الدخول ( ولا يجوز الفسخ في ذلك كله إلا بحكم حاكم ) لأنه فسخ مختلف فيه ، فافتقر إلى الحاكم كالفسخ للعنة ، ولا يفسخ إلا بطلبها ; لأنه لحقها ، أو تفسخ هي بأمره ، فإذا فرق الحاكم بينهما ، فهو فسخ ، لا رجعة له فيه ، فإذا ثبت إعساره فسخ بطلبها ، أو فسخت بأمره ، ولا ينفذ بدونه ، وقيل : ظاهرا ، وفي " الترغيب " ينفذ مع تعذره ، زاد في " الرعاية " : مطلقا ، وإن قلنا : هو طلاق لأمره بطلبها بطلاق ، أو نفقة ، فإن أبى طلق عليه ، جزم به في " التبصرة " ، فإن راجع ، فقيل : لا تصح مع عسرته ، وقيل : بلي فيطلق ثانية ، ثم ثالثة ، وقيل : إن طلب المهلة ثلاثة أيام أجيب ، فلو لم يقدر فقيل : ثلاثة أيام ، وقيل : إلى آخر اليوم المتخلفة نفقته ، وفي " المغني " يفرق بينهما ، وهي فسخ ، فإن أجبره على الطلاق فطلق فراجع ، ولم ينفق فللحاكم الفسخ ، وظاهر كلام القاضي أن الحاكم يملك الطلاق ، والفسخ ، وإن أيسر في العدة فله ارتجاعها ; لأنه تفريق لامتناعه من الواجب ، أشبه تفريقه بين المؤلي وامرأته .