فصل : ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف في إحدى الروايتين . والأخرى يفعل به كما فعل فلو قطع يده ، ثم قتله فعل به ذلك ، وإن قتله بحجر ، أو غرقه ، أو غير ذلك فعل به مثل ذلك . وإن قطع يده من مفصل ، أو غيره ، أو أوضحه فمات فعل به كفعله ، فإن مات وإلا ضربت عنقه ، وقال القاضي : يقتل ولا يزاد على ذلك ، رواية واحدة ، وإن قتله بمحرم في نفسه كتجريع الخمر ، واللواط ، ونحوه - قتل بالسيف رواية واحدة ، ولا تجوز الزيادة على ما أتى به رواية واحدة ، ولا قطع شيء من أطرافه ، فإن فعل فلا قصاص فيه وتجب فيه ديته . سواء عفا عنه ، أو قتله .
فصل
( ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف ) في العنق ، وإن كان القتل بغيره ( في إحدى الروايتين ) قدمها في " المحرر " ، و " الفروع " ، وجزم بها في " الوجيز " ، واختارها الأصحاب لما روى nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340624لا قود إلا بالسيف رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، ، والبيهقي من غير طريق ، وقال أحمد : ليس إسناده بجيد ، ولأن القصاص أحد بدلي النفس فدخل الطرف [ ص: 292 ] في حكم الجملة كالدية ، ونهى عن المثلة ، ولأن فيه زيادة تعذيب وكما لو قتله بالسيف ، قال في " الانتصار " وغيره في قود : وحق الله لا يجوز في النفس إلا بسيف ; لأنه أوحى ، لا بسكين ، ولا في طرف إلا بها لئلا يحيف ، وإن الرجم بحجر ، لا يجوز بسيف ( والأخرى : يفعل به كما فعل ) وقتله بسيف ، وقاله الأكثر ، واختاره الشيخ تقي الدين لقوله تعالى : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [ النحل : 126 ] ولقوله تعالى : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [ البقرة : 194 ] ولأنه - عليه السلام - رض رأس يهودي . . . الخبر ، ولقوله - عليه السلام - nindex.php?page=hadith&LINKID=2006164من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه رواه البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، وفي إسناده مقال ، ولأن القصاص موضوع على المماثلة ولفظه مشعر به فيجب أن يستوفي منه ما فعل كما لو ضرب العنق آخر غيره وعليها إن مات وإلا ضربت عنقه ، وفي " الانتصار " احتمال ، أو الدية بغير رضاه ( فلو قطع يده ، ثم قتله فعل به ذلك ) لما عرفت ( وإن قتله بحجر ، أو غرقه أو غير ذلك ) من أنواع القتل غير ما استثني ( فعل به مثل ذلك ) لما ذكرنا ، واختاره أبو محمد الجوزي ، وعنه : يفعل به كفعله إن كان فعله موجبا ، وعنه : أو موجبا لقود طرفه لو انفرد ، فعلى المذهب : لو فعل لم يضمن ، وأنه لو قطع طرفه ، ثم قتله قبل البرء ففي دخول قود طرفه في قود نفسه لدخوله في الدية روايتان ، قال في " الترغيب " فائدته لو عفا عن النفس سقط القود في الطرف ; لأن قطع السراية كاندماله ومتى فعل به الولي كما فعل لم يضمنه بشيء ، وإن حرمناه ، وإن زاد ، أو تعدى بقطع طرفه [ ص: 293 ] فلا قود ويضمنه بديته ، عفا عنه أو لا ، وقيل : إن لم يسر القطع ( وإن قطع يده من مفصل ، أو غيره ، أو أوضحه فمات فعل به كفعله ) للكتاب ، والسنة واعتبار المماثلة ( فإن مات وإلا ضربت عنقه ) لأن ذلك مستحق لكونه ترتب على فعله القتل ، فإذا لم يحصل بمثل ما فعل تعين ضرب العنق لكونه وسيلة إلى استيفاء القتل المستحق عليه ( وقال القاضي : يقتل ) لأن القصاص أحد بدلي النفس فدخل بالقطع وغيره في القتل كالدية ( ولا يزاد على ذلك رواية واحدة ) أي : لا يقتص منه في الطرف رواية واحدة لإفضائه إلى الزيادة ، قال المؤلف : والصحيح تخريجه على الروايتين ، وليس هذا بزيادة ; لأن فوات النفس بسراية فعله ، وهو كفعله ، أشبه ما لو قطعه ، ثم قتله ( وإن قتله بمحرم في نفسه كتجريع الخمر ، واللواط ، ونحوه ) كالسحر لم يقتله بمثله وفاقا ( قتل بالسيف رواية واحدة ) لأن هذا محرم لعينه فوجب العدول عنه إلى القتل بالسيف ; لأن قتله بمثل فعله غير ممكن ، وإن حرقه ، فقال بعض أصحابنا : لا يحرق للنهي عنه ، وقال القاضي : الصحيح أن فيه روايتين كالتغريق ، والثانية : يحرق ، وقاله مسروق ، وقتادة وحملوا النهي على غير القصاص ( ولا تجوز الزيادة على ما أتى به رواية واحدة ) لأن الزيادة على فعله تعد عليه ، فلم يجز كما لو لم يكن قاتلا ( ولا قطع شيء من أطرافه ) لأن ذلك زيادة على ما أتى به ( فإن فعل ، فلا قصاص فيه ) لأن القصاص عقوبة تدرأ بالشبهة ، وهي هنا متحققة ; لأنه مستحق لإتلاف الطرف ضمنا لاستحقاقه إتلاف الجملة ( وتجب فيه ) أي : في الزائد ( ديته ) لأن ذلك [ ص: 294 ] حصل بالتعدي ، أشبه ما لو لم يكن المقطوع مكافئا ( سواء عفا عنه ، أو قتله ) لأن استحقاق إتلاف الطرف موجود في حالتي العفو ، والقتل .
لواحق : إذا كان الجاني قطع يده فقطع المستوفي رجله فقيل : كقطع يده لاستوائهما ، وقيل : دية رجله ; لأن الجاني لم يقطعها ، وإن استحق قطع إصبع فقطع ثنتين فحكمه حكم القطع ابتداء ، وإن ظن ولي دم أنه اقتص في النفس ، فلم يكن وداواه أهله حتى برئ ، فإن شاء الولي دفع إليه دية فعله وقتله وإلا تركه . هذا رأي عمر ، وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=120ويعلى بن أمية ، ذكره أحمد ، وإذا اقتص بآلة كالة ، أو مسمومة فسرى ، فقال القاضي : عليه نصف الدية ; لأنه تلف بفعل جائز ومحرم كما لو جرحه في ردته وإسلامه فمات منهما ، ويحتمل : يلزمه ضمان السراية كلها ; لأن هذا الفعل كله محرم .