فصل : وإن جنى العبد خطأ فسيده بالخيار بين فدائه بالأقل من قيمته ، أو أرش جنايته ، أو تسليمه ليباع في الجناية ، وعنه : إن أبى تسليمه فعليه فداؤه بأرش الجناية كله ، وإن سلمه فأبى ولي الجناية قبوله ، وقال : بعه أنت ، فهل يلزمه ذلك ؛ على روايتين ، وإن جنى عمدا فعفا الولي عن القصاص على رقبته ، فهل يملكه بغير رضا السيد ؛ على روايتين . وإن جنى على اثنين خطأ ، اشتركا فيه بالحصص ، فإن عفا أحدهما ، أو مات المجني عليه فعفا بعض ورثته ، فهل يتعلق حق الباقين بجميع العبد ، أو بحصتهم منه ؛ على وجهين . وإن جرح حرا فعفا عنه ، ثم مات من الجراحة ، ولا مال له ، وقيمة العبد عشر ديته فاختار السيد فداءه ، وقلنا يفديه بقيمته - صح العفو في ثلثه ، وإن قلنا : يفديه بالدية صح العفو في خمسة أسداسه ، وللورثة سدسه ; لأن العفو صح في شيء من قيمته وله بزيادة الفداء تسعة أشياء ، بقي للورثة ألف إلا عشرة أشياء ، تعدل شيئين ، أجبر ، وقابل ، يخرج الشيء نصف سدس الدية ، وللورثة شيئان فتعدل السدس .
فصل
( وإن جنى العبد خطأ فسيده بالخيار بين فدائه بالأقل من قيمته ، أو أرش جنايته ، أو تسليمه ليباع في الجناية ) إذا جنى رقيق خطأ ، أو عمدا ، لا قود فيه ، أو فيه قود ، واختير فيه المال ، أو أتلف مالا وجب اعتبار جنايته ; لأن جناية الصغير والمجنون غير ملغاة مع عذره وعدم تكليفه ، فالعبد أولى ، ولا يمكن تعليقها بذمته ; لأنه يفضي إلى إلغائها ، أو تأخير حق المجني عليه إلى غير غاية ، ولا بذمة السيد ; لأنه لم يجن فتعين تعليقها برقبة العبد كالقصاص ، والمذهب أن سيده بالخيار بين فدائه ; لأنه إذا فدى عبده بقيمته فقد أدى عوض المحل الذي تعلقت به الجناية ، أو بيعه في الجناية ; لأنه دفع المحل الذي تعلقت به الجناية ، والمذهب : أنه يلزمه في الفداء الأقل من قيمته ، أو أرش جنايته ; لأنه إذا فداه بقيمته أدى قدر الواجب ; لأن حق المجني عليه لا يتعلق بغير رقبة الجاني ، وإذا فداه بأرش جنايته ، فهو الذي وجب للمجني عليه ، فلم يملك مطالبته بأكثر منها ، وعليه لو أعتقه بعد علمه بالجناية لزمه جميع أرشها بخلاف ما إذا لم يعلم . نقله ابن منصور ، وعنه : يفديه ، أو يسلمه فيها ، وعنه : يخير بينهن ، وعنه : فيما فيه القود خاصة يلزمه فداؤه بجميع قيمته ( وعنه : إن أبى تسليمه [ ص: 365 ] فعليه فداؤه بأرش الجناية كله ) لأنه إذا عرض للبيع ربما رغب فيه راغب بأكثر من قيمته ، فإذا أمسكه فوت على المجني عليه ذلك ( وإن سلمه فأبى ولي الجناية قبوله ، وقال : بعه أنت ، فهل يلزمه ذلك ؛ على روايتين ) أظهرهما : لا يلزمه ، قاله ابن هبيرة ، وقاله أكثر العلماء ; لأن حق المجني عليه لا يتعلق بأكثر من الرقبة ، وقد سلمها ، ويبيعه الحاكم بغير إذن ، وله التصرف فيه بعتق وغيره ، وقيل : بإذن ، والثانية : يلزمه ، صححها في " الرعاية " ; لأن الجناية تقتضي وجوب أرشها ، وأرشها هو قيمة العبد .
فرع : إذا مات العبد الجاني ، أو هرب قبل مطالبة سيده بتسليمه ، أو بعده ، ولم يمنع منه ، فلا شيء عليه ، فلو جنى ففداه ، ثم جنى فحكمها كالأولى ، ولا يرجع الثاني على الأول بشيء ، ومحله ما لم يكن بإذن سيده ، أو أمره ، فإن كان فضمانها عليه بالغة ما بلغت رواية واحدة ( وإن جنى عمدا فعفا الولي عن القصاص على رقبته ، فهل يملكه بغير رضا السيد ؛ على روايتين ) أظهرهما عنه : لا يملكه ; لأنه إذا لم يملكه بالجناية فلأن لا يملكه بالعفو أولى ، ولأنه إذا عفا عن القصاص انتقل حقه إلى المال فصار كالجناية الموجبة للمال ، والثانية : يملكه ، قدمها في " الرعاية " ; لأنه مملوك استحق إتلافه فاستحق إبقاءه على ملكه كعبده الجاني عليه ، فعلى هذه إن عفا عنه على رقبته ، وقيمته فوق الأرش ، وقلنا : يجب أحد شيئين - تعين الأرش ، ولو قال : عفوت عنه ، وهو حر عتق ، ولا دية ، وإن قلنا : لا يملك ، فلا قود ، ولا دية ، وهو ملك سيده ، وذكر ابن عقيل و " الوسيلة " رواية : يملكه بجناية عمد ، وله قتله ورقه وعتقه ، [ ص: 366 ] وينبني عليه لو وطئ الأمة ، ونقل مهنا : لا شيء عليه ، وهي له وولدها . ( وإن جنى على اثنين خطأ اشتركا فيه بالحصص ) نص عليه ، سواء جنى عليهم في وقت ، أو أوقات ; لأنهم تساووا في سبب تعلق به الحق فتساووا في الاستحقاق كما لو جنى عليهم دفعة واحدة ، بل لو قدم بعضهم كان الأول أولى ; لأن حقه أسبق ، وقال ابن حمدان : يقاد بالكل اكتفاء كما لو جنى عليهم معا ، ويحتمل أن يقاد بالأول ، أو يؤخذ حقه بالقرعة مطلقا ، ويدخل بالقتل حق من بقي لفوت محله إن علق بالعين ( فإن عفا أحدهما ، أو مات المجني عليه فعفا بعض ورثته ، فهل يتعلق حق الباقين بجميع العبد ، أو بحصتهم منه ؛ على وجهين ) أحدهما : يتعلق بجميع العبد قدمه في " المحرر " ، و " الرعاية " ، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن سبب استحقاقه موجود ، وإنما امتنع ذلك لمزاحمة الآخر ، وقد زال المزاحم ، أشبه ما لو جنى على إنسان ففداه سيده ، ثم جنى على آخر ، والثاني : يتعلق بحصتهم منه لا غير ; لأن كل واحد تعلق بقسط من رقبته ، فلا يتعلق بزيادة عليه كما لو لم يوجد عفو أصلا .
فرع : قتل عبدان عبدا عمدا فقتل الولي أحدهما وعفا عن الآخر ، تعلق برقبته نصف الدية ، وبناه السامري على قتل الجماعة بالواحد . ( وإن جرح حرا فعفا عنه ، ثم مات من الجراحة ، ولا مال له ، وقيمة العبد عشر ديته فاختار السيد فداءه ، وقلنا يفديه بقيمته - صح العفو في ثلثه ) لأنه ثلث ما فات عنه ويبقى الثلثان للورثة ( وإن قلنا : يفديه بالدية صح العفو في خمسة [ ص: 367 ] أسداسه ، وللورثة سدسه ; لأن العفو صح في شيء من قيمته ) فسقط ( وله بزيادة الفداء تسعة أشياء ، بقي للورثة ألف إلا عشرة أشياء ، تعدل شيئين : أجبر ، وقابل ) تصير ألفا تعدل اثني عشر شيئا ، فالشيء إذا يعدل نصف سدس الدية ( يخرج الشيء نصف سدس الدية وللورثة شيئان فتعدل السدس ) لأن الشيء إذا عدل نصف سدس كان الشيء يعدل السدس ضرورة ، فعلى هذا لو كان قيمة العبد ثلث الدية صح العفو على القول بأن الفداء يكون بالدية في ثلاثة أخماسه ، ولو كان قيمة العبد الربع صح في ثلثه ، ولو كانت قيمته الخمس صح في خمسة أسباعه ، وطريق الباب في هذه المسائل أن تزيد قيمة العبد على نصف دية المجني عليه وتنسب قيمة العبد مما بلغا فما كان فهو الذي يفديه به سيده .
تنبيه : إذا قتل عبد عبدين لآخر فله قتله ، والعفو عنه ، فإن قتله سقط حقه ، وإن عفا على مال تعلقت قيمة العبدين برقبته ، وإن كانا لاثنين فكذلك إلا أن القاتل يقتل بالأول منهما ، فإن عفا قتل للثاني ، وإن قتلهما معا أقرع بين العبدين فمن وقعت له القرعة اقتص وسقط حق الآخر ، فإن عفا عن القصاص ، وعلى سيد الأول مال تعلق برقبة العبد ، وللثاني القصاص ، فإن قتله سقط حق الأول من القيمة ، وإن عفا الثاني تعلقت قيمة القتيل الثاني برقبته ويباع فيهما ويقسم ثمنه على قدر القيمتين ، لا يقال : حق الأول أسبق فيقدم ; لأنه لا يراعى بدليل ما لو أتلفت أموال لجماعة على الترتيب ، ولو قتل عبد عبدا لاثنين كان لهما القصاص ، والعفو ، فإن عفا أحدهما سقط القصاص .