العاقلة جمع عاقل ، وهو المؤدي للدية ، يقال : عقلت فلانا إذا أعطيته ديته ، وعقلت عن فلان إذا عزمت عنه ديته ، وأصله من عقل الإبل بالعقل ، وهي : الحبال التي تثنى بها أيديها إلى ركبها ، وقيل : اشتقاقه من العقل ، وهو المنع ، لأنهم يمنعون عن القاتل ، والعقل المنع ، ويسمى بعض العلوم عقلا ، لأنه يمنع من الإقدام على المضار ، وقيل : لأنهم يتحملون العقل ، وهو الدية ، [ ص: 16 ] سميت بذلك ، لأنها تعقل لسان ولي المقتول ، وهي : من غرم ثلث الدية فأكثر بسبب جناية غيره ، وما تحمله ، أي : ما تحمله العاقلة ، هل يجب عليها ابتداء ؛ أو على القاتل ثم تحملها عنه ؛ فيه قولان ، كما قيل في فطرة الزوجة والولد ونحوهما مما يخرج عنه غيره ، هل يجب عليه ابتداء ، أو على المخرج ؛
ومن لا عاقلة له هل تجب في ذمته الدية أو لا ؛ على قولين .
( عاقلة الإنسان عصابته كلهم قريبهم وبعيدهم من النسب والولاء ) وهم : الأحرار ، العاقلون ، البلغ ، الأغنياء على المشهور ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340667قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة على عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها ، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها . رواه أبو داود . ولأنهم عصبة أشبهوا سائر العصبات ، يحققه أن العقل موضوع على التناصر ، وهم من أهله ، ولأن العصبة في تحمل العقل كـ ( هم ) في الميراث في تقديم الأقرب فالأقرب ، وكون البعيد عصبة لأنه يرث المال إذا لم يكن وارث أقرب منه ، فهو كالقريب ، وكون عصبات الإنسان في الولاء من العاقلة لعموم قوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340250الولاء لحمة كلحمة النسب ) ( إلا عمودي نسبه ، آباؤه وأبناؤه ) اختاره الخرقي وجزم به في الوجيز ، قال ابن المنجا : وهو المذهب ، لما روى جابر : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340668أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ، ولكل واحدة منهما زوج وولد ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلة القاتلة ، وبرأ زوجها وولدها ، فقال : عاقلة المقتولة ميراثها لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ، ميراثها لزوجها وولدها . رواه أبو داود . وهذا يقتضي أن الأولاد ليسوا من العاقلة وكذا الآباء قياسا لإحدى [ ص: 17 ] العمودين على الآخر ، ولأن مال ولده ووالده كماله ، وخرج منه الإخوة بدليل ، لأن الخرقي خص العاقلة بالعمومة وأولادهم ( وعنه : أنهم من العاقلة أيضا ) قدمه في الكافي والرعاية ، واختاره أبو بكر والشريف ، بل والأكثر ، لأنهم أحق من العصبات بميراثه فكانوا أولى بتحمل عقله ، وعنه : هم عصبته إلا أبناءه إذا كان امرأة ، قال في المحرر : وهو الأصح ، نقل حرب : الابن لا يعقل عن أمه ، لأنه من قوم آخرين ، وفي المستوعب : إلا أن يكون الابن من عصبة أمه فيكون من عاقلتها ، وكذا في البلغة ، وعلم منه أن العصبات من الإخوة من الأم وذوي الأرحام والنساء ، ليسوا من العاقلة بغير خلاف ، لأنهم ليسوا من أهل النصرة ، وعمدة العقل النصرة ، وليسوا منها كأهل المحلة والديوان ( وليس على فقير ) على المذهب ، لأن حمل العاقلة مواساة ، فلا يلزم الفقير كالزكاة ، ولأنه وجب على العاقلة تخفيفا عن القاتل ، فلا يجوز التثقيل عليه ، لأنه كلفة ومشقة ( ولا صبي ولا زائل العقل ) حمل شيء منها ، لأن الحمل للتناصر ، وهما ليسا من أهلها ، وقيل : يحمل المميز ، لأنه قارب البلوغ ( ولا امرأة ) لما ذكرنا ( ولا خنثى مشكل ) لاحتمال كونه امرأة ، فيحمل جناية عتيقهما من تحمل جنايتهما ، وعنه : تعقل امرأة وخنثى بولاء ( ولا رقيق ) لأنه أسوأ حالا من الفقير ( ولا مخالف لدين الجاني - حمل شيء ) لأن حملها للنصرة ، ولا نصرة لمخالف له في دينه ( وعنه أن الفقير المعتمل ) أي : المحترف ( يحمل من العقل ) حكاها أبو الخطاب ، وهي قول أكثر العلماء ، لأنه من أهل النصرة فكان من العاقلة كالغني ، وظاهره أن المريض والشيخ يحملان وصرح به في [ ص: 18 ] الرعاية ، وفي : هرم ، وزمن ، وأعمى وجهان ، فلو عرف نسب قاتل من قتيله ، ولم يعلم من أي بطونها لم يعقلوا عنه ، ذكره في المذهب ( ويحمل الغائب كما يحمل الحاضر ) للخبر ، ولأنهم استووا في التعصيب والإرث ، فاستووا في تحمل العقل كالحاضرين .