[ ص: 90 ] فصل وألفاظ القذف تنقسم إلى : صريح ، وكناية ، فالصريح قوله : يا زاني ، يا عاهر زنى فرجك ، ونحوه مما لا يحتمل غير القذف ، فلا يقبل قوله بما يحيله ، وإن قال : يا لوطي ، يا معفوج ، فهو صريح ، وقال الخرقي : إذا قال : أردت أنك من قوم لوط ، فلا حد عليه ، وهو بعيد . وإن قال : أردت أنك تعمل عمل قوم لوط غير إتيان الرجال ، احتمل وجهين . وإن قال : لست بولد فلان ، فقد قذف أمه ، وإن قال : لست بولدي ، فعلى وجهين . وإن قال : أنت أزنى الناس ، أو أزنى من فلانة ، أو قال لرجل : يا زانية ، أو لامرأة : يا زاني أو قال : زنت يداك ورجلاك ، فهو صريح في القذف عند أبي بكر ، وليس بصريح عند ابن حامد ، وإن قال زنأت في الجبل مهموزا فهو صريح عند أبي بكر ، وقال ابن حامد : إن كان يعرف العربية لم يكن صريحا . وإن لم يقل : في الجبل ، فهل هو صريح ، أو كالتي قبلها ؛ على وجهين .
فصل .
( وألفاظ القذف تنقسم إلى : صريح ، وكناية ) لأنها ألفاظ ترتب عليها حكم شرعي ، فانقسمت إلى ذلك كالطلاق ( فالصريح قوله : يا زاني ، يا عاهر زنى فرجك ، ونحوه ) كزنيت ، ويا منيوك ( مما لا يحتمل غير القذف ، فلا يقبل قوله بما يحيله ) لأنه صريح فيه ، أشبه صريح الطلاق ( وإن قال : يا لوطي ، يا معفوج ) هو مفعول من : عفج ، يعني : نكح ، فكأنه بمعنى منكوح ، أي : موطوء ( فهو صريح ) في المنصوص ، وعليه الحد فيهما إذا قذفه بعمل قوم لوط فاعلا أو مفعولا ، اختاره الأكثر ، لأن اللوطي الزاني بالذكور ، أشبه ما لو قال : يا زاني ، وحينئذ لا يسمع تفسيره بما يحيل القذف ، وعنه : مع غضب ، لأن قرينة الغضب تدل على إرادة القذف بخلاف حالة الرضا ( وقال الخرقي : إذا قال : أردت أنك من قوم لوط فلا حد عليه ) وهذا رواية نقلها المروذي ، لأنه فسر كلامه بما لا يوجب الحد ، كما لو فسره به متصلا بكلامه ( وهو بعيد ) لأن إطلاق لفظه وإرادة مثل ذلك فيه بعد ، مع أن قوم لوط لم يبق منهم أحد ، ولو قذف امرأة أنها وطئت في دبرها ، أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها فعليه الحد ، وقيل : لا ، ومبنى الخلاف هنا على الخلاف في وجوب حد الزنا على من فعل ذلك ( وإن قال : أردت أنك تعمل عمل قوم لوط غير إتيان الرجال ، احتمل وجهين ) .
أشهرهما : أنه لا يقبل ، لأنه فسر اللفظ بما لا يحتمله غالبا ، أشبه ما لو قال : [ ص: 91 ] يا زاني .
والثاني : أنه لا يحد ، لأن ما فسر به كلامه محتمل الإرادة ، والحد يدرأ بالشبهات .
فرع : إذا فسر يا منيوكة بفعل زوج ، فليس قذفا ، ذكره في الرعاية والتبصرة ، وزاد : إن أراد بـ " زاني " العين ، أو يا عاهر اليد ، لم يقبل مع سبقه ما يدل على قذف صريح ( وإن قال : لست بولد فلان ، فقد قذف أمه ) في المنصوص إلا منفيا بلعان لم يستلحقه أبوه ، ولم يفسره بزنا أمه ، لأن ذلك يقضي أن أمه أتت به من غير أبيه ، وذلك قذف لها ، وكذا إن نفاه عن قبيلته ، وقال المؤلف : القياس يقتضي أنه لا يجب الحد لنفي الرجل عن قبيلته ، لأن ذلك لا يتعين فيه الرمي بالزنا ، أشبه ما لو قال لأعجمي : إنك عربي ( وإن قال : لست بولدي ، فعلى وجهين ) .
أظهرهما : أنه كناية في قذفها ، نص عليه ، لأن للرجل أن يغلظ في القول والفعل لولده .
والثاني : هو صريح ، لأنه نفاه عن نفسه ، أشبه نفي ولد غيره عن أبيه .
فرع : إذا قال : إن لم تفعل كذا ، فلست ابن فلان ، فلا حد ، لأن القذف لا يتعلق بالشرط ، وإن قال : لست ابن فلانة ، عذر ، نص عليه ، لأنه لم يقذف أحدا بالزنا ( وإن قال : أنت أزنى الناس ) فهو قاذف في قول أبي بكر ، وقدمه في الرعاية ، لأنه أضاف إليه الزنا بصيغة المبالغة ( أو أزنى من فلانة ) فكذلك في قول القاضي ، لأن أزنى معناه المبالغة ، ففيه الزنا وزيادة ، وقدم في الكافي : لا ، لأن لفظة أفعل تستعمل للمنفرد بالفعل ، وقال ابن حامد : ليس بقذف إلا أن يريده ، لأن موضوع اللفظ يقتضي ذلك .
[ ص: 92 ] مسألة : إذا قال أنت أزنى من زيد فقد قذفهما صريحا ، وقيل : كناية ، وقيل : ليس بقذف لزيد ، وهو أقيس ( أو قال لرجل : يا زانية ، أو لامرأة : يا زاني ) فصريح ، نصره في الشرح ، وقدمه في الفروع ، لأن اللفظ صريح في الزنا ، وزيادة الهاء وحذفها خطأ لا يغير المعنى كاللحن ، وكفتح التاء وكسرها لهما خلافا للرعاية في عالم بعربية ، واختار ابن حامد كما يأتي أنه ليس بصريح إلا أن يفسر به ، لأنه يحتمل أن يريد بذلك أنه علامة في الزنا ، كما يقال للعالم : علامة ( أو قال : زنت يداك ورجلاك ، فهو صريح في القذف عند أبي بكر ) لأن ذلك يطلق ويراد به زنا الفرج ( وليس بصريح عند ابن حامد ) في ظاهر المذهب في الأخيرة ، لأن زنا هذه الأعضاء لا يوجب الحد ، لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340714العينان تزنيان وزناهما النظر ، قال في الشرح : والأولى أن يرجع إلى تفسيره . انتهى . وكذا الخلاف لو أفرد ، فلو قال : زنت يدك فقذف ، قاله في الرعاية ، وكذا العين في الترغيب ، وفي المغني وغيره : لا .
مسألة : إذا قال يا زاني ابن الزانية ، لزمه حدان ، فإن تشاحا قدم حد الابن ، وعنه : حد واحد ، وقيل : إن كانت أمه حية فقد قذفها معه ، وإن كانت ميتة فقد قذفه وحده ( وإن قال زنأت في الجبل مهموزا فهو صريح عند أبي بكر ) وأبي الخطاب ، وقدمه في الرعاية والفروع ، وجزم به في الوجيز ، لأن عامة الناس لا يفهمون من ذلك إلا القذف ( وقال ابن حامد : إن كان يعرف العربية لم يكن صريحا ) لأن معناه في العربية طلعت ، وعليهما إن [ ص: 93 ] قال : أردت الصعود في الجبل قبل ( وإن لم يقل : في الجبل ) أي : زنأت ( فهل هو صريح ، أو كالتي قبلها ؛ على وجهين ) .
أحدهما : أنه صريح ، قدمه في الرعاية ، وجزم به في الوجيز ، لأن مع عدم القول في الجبل يتمحض القذف ، وقيل : هو كالتي قبلها ، أحدهما : يكون صريحا في حق العامي والعالم بالعربية ، والثاني : الفرق بينهما ، وقيل : لا قذف ، قال في الفروع : ويتوجه مثلها لفظة علق ، وذكرها شيخنا صريحة ، ومعناه قول ابن رزين : كل ما يدل عليه عرفا .