صفحة جزء
باب ، قتال أهل البغي وهم القوم الذين يخرجون عن طاعة الإمام بتأويل سائغ ، ولهم منعة وشوكة .


باب ، قتال أهل البغي .

البغي : مصدر بغى يبغي بغيا ، إذا اعتدى ، والمراد هنا : الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام ، المعتدون عليه ، قال الله تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا إلى قوله : إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ] الحجرات : 10 [ .

وفيها فوائد : منها أنهم لم يخرجوا بالبغي عن الإيمان ، ومنها أنه أوجب قتالهم ، ومنها أنه أسقط قتالهم إذا رجعوا إلى أمر الله تعالى ، ومنها أنه أسقط عنهم التبعة فيما أتلفوه في قتالهم ، ومنها أنها أجازت قتال كل من منع حقا عليه ، والأحاديث مشهورة ، منها ما روى عبادة بن الصامت ، قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، وألا ننازع الأمر أهله . متفق عليه . وأجمع الصحابة على قتالهم ، فإن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة ، وعليا قاتل أهل الجمل وأهل صفين ( وهم القوم الذين يخرجون عن طاعة الإمام ) العادل ، ذكره في " الرعاية " ( بتأويل سائغ ) سواء كان صوابا أو خطأ ، وقيل : بل خطأ فقط ، ذكره في " الرعاية " ( ولهم منعة وشوكة ) لا جمع يسير ، خلافا لأبي بكر ، فإن فات شرط فقطاع طريق ، فعلى هذا لو امتنع قوم من طاعة الإمام وخرجوا عن قبضته بغير تأويل ، أو كان لهم تأويل ولا منعة لهم [ ص: 160 ] كالعشرة ، فقطاع طريق ، وفي " الترغيب " : لا تتم الشوكة إلا وفيهم واحد مطاع ، وأنه يعتبر كونهم في طرف ولايته ، وفي " عيون المسائل " : تدعو إلى نفسها ، أو إلى إمام غيره ، وإلا فقطاع طريق .

أصل : من كفر أهل الحق والصحابة ، واستحل دماء المسلمين ، فهم بغاة في قول الجماهير تتعين استتابتهم ، فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم ، لا على كفرهم ، وقال طائفة من المحدثين : هم كفار ، حكمهم حكم المرتدين ، للأخبار ، وهذا رواية عن أحمد ، ذكر في " الترغيب " و " الرعاية " : أنها أشهر ، وذكر ابن حامد : أنه لا خلاف فيه ، وحكى ابن أبي موسى ، عن أحمد : الخوارج كلاب النار ، صح الحديث فيهم من عشرة أوجه ، قال : والحكم فيهم على ما قال علي ، وفيما قال : لا نبدؤكم بقتال ، وقال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على كفرهم ، قال ابن عبد البر : في الحديث الذي رويناه ، قوله : يتمادى في الفوق ، يدل على أنه لم يكفرهم ، قال المؤلف : والصحيح أن الخوارج يجوز قتلهم ابتداء ، والإجازة على جريحهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية