سبقتكم إلى الإسلام طرا صبيا ما بلغت أوان حلمي
. ويقال : هو أول من أسلم من الصبيان ، ومن الرجال : أبو بكر ، ومن النساء : ، خديجة ومن العبيد : بلال ، وقال عروة : أسلم علي ، والزبير ، وهما ابنا ثمان سنين ، ولم يرد على أحد إسلامه من صغير ، أو كبير ، لقوله عليه السلام : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، ولأن من صح إسلامه صحت ردته كالبالغ ، وقوله عليه السلام : كل مولود يولد على الفطرة و أمرت أن أقاتل الناس . الخبرين . والصبي داخل في ذلك ، وإذا صح إسلامه كتب له لا عليه ، وتحصل له سعادة الدارين ، لا يقال : الإسلام يوجب عليه الزكاة في ماله ، ونفقة قريبه المسلم ، وحرمة ميراث قريبه الكافر ، وفسخ نكاحه ، لأن الزكاة نفع محض ، لأنها سبب النماء ، والزيادة ، محصنة للمال ، والميراث ، والنفقة أمر متوهم ، وذلك مجبور بحصول الميراث للمسلمين ، وسقوط نفقة أقاربه الكفار ، ثم هو ضرر مغمور بالنسبة إلى ما يحصل له من سعادة الآخرة ، والخلاص من الشقاء ، والخلود في الجحيم ، وشرطه أن يعقل الإسلام ، ومعناه أن يعلم أن الله ربه لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وهذا لا خلاف في اشتراطه ، فإن الطفل الذي لا يعقل لا يتحقق منه اعتقاد الإسلام ، وإنما كلامه لقلقة بلسانه لا يدل على شيء ، ذكره في " المغني " وغيره ، وشرط الخرقي مع ذلك ، وتبعه في " الوجيز " : أن يكون له عشر سنين ، لأنه عليه السلام أمر بضربه على الصلاة لعشر ، وجوابه : بأن أكثر المصححين لإسلامه لم يشترطوا ذلك ، ولم يجدوا له حدا من السنين ، وحكاه ابن المنذر ، عن [ ص: 177 ] أحمد ، لأن المقصود متى حصل لا حاجة إلى زيادة عليه ( وعنه : يصح إسلامه دون ردته ) قال في " الفروع " : وهي أظهر ، لأن الإسلام محض مصلحة ، ونفع ، فصح منه ، بخلاف الردة ، فعلى هذا : حكمه حكم من لم يرتد ، فإن بلغ وأصر على الكفر كان مرتدا ( وعنه : لا يصح شيء منهما حتى يبلغ ) لقوله عليه السلام : رفع القلم عن ثلاث . الخبر . ولأنه قول تثبت به الأحكام ، فلم يصح من الصبي ، كالهبة ، والعتق ، ولأنه غير مكلف ، أشبه الطفل ، وعنه : يصح من ابن سبع سنين ، لأمره بالصلاة ، وقال : يصح من ابن خمس سنين ، وأخذه من إسلام ابن أبي شيبة علي ( والمذهب الأول ) نصره القاضي في الخلاف ، وعليه فقهاء الأصحاب ، وعليهن يحال بينه وبين الكفار ، قال في " الانتصار " : يتولاه المسلمون ، ويدفن بمقابرهم ، وإن فرضيته مترتبة على صحته كصحته تبعا ، وكصوم مريض ومسافر رمضان ( وإن أسلم ) ثم ، رجع ( ثم قال : لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله ) كالبالغ ( وأجبر على الإسلام ) لأنه محكوم بإسلامه ، لمعرفتنا بعقله ، لأنه كفر بعد إسلامه ، ولهذا صح إسلامه ، لأنه محض مصلحة ، أشبه الوصية ، وعنه : ينتقل منه ، ولا يجبر على الإسلام ، لأنه في مظنة النقص ، وصدقه جائز ، ذكره أبو بكر ، والعمل على الأول ، لأنه قد ثبت عقله للإسلام ، ومعرفته به ، وفعله فعل العقلاء ، وقد تكلم بكلامهم ( ولا يقتل حتى يبلغ ) أي : الصبي لا يقتل إذا ارتد حتى يبلغ ، سواء قلنا بصحة ردته ، أو لا ، لأن الغلام لا تجب عليه عقوبة ، بدليل أنه لا يتعلق به حكم الزنا ، والقتل ، فكذا لا يجب أن يتعلق به حكم الردة ( ويجاوز ثلاثة أيام من وقت بلوغه ) لأجل وجوب استتابته ثلاثا [ ص: 178 ] ( فإن ثبت على كفره ، قتل ) لأنه مرتد مصر على ردته ، فوجب قتله سواء كان مرتدا قبل بلوغه أو لا ، وسواء كان مسلما أصليا فارتد ، أو كافرا فأسلم صبيا ، ثم ارتد .