( الخامس : نذر التبرر ) وهو التقرب ، يقال : تبرر تبررا ، أي : تقرب تقربا ( كنذر الصيام ، والصلاة ، والصدقة ، والاعتكاف ، والحج ، والعمرة ، ونحوها من التقرب على وجه القربة ) كعيادة مريض ونحوه ( سواء نذره مطلقا ، أو علقه بشرط يرجوه ) لشموله لهما ( فقال : إن شفى الله مريضي ، أو سلم مالي ، فلله علي كذا ، فمتى وجد شرطه انعقد نذره ، ولزمه فعله ) أقول نذر التبرر ، وهو نذر المستحب ، يتنوع أنواعا ، منها : ما إذا كان في مقابلة نعمة استجلبها ، أو نقمة استدفعها ، وتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الشرع ، فلهذا يلزم الوفاء به إجماعا ، وكذا إن لم يكن كذلك كطلوع الشمس ، وقدوم الحاج ، قاله في المستوعب ، أو فعلت كذا لدلالة الحال ، ذكره ابن عقيل ، ونص أحمد في : إن قدم فلان تصدقت بكذا وكذا ، قال الشيخ تقي الدين فيمن قال : إن قدم فلان أصوم كذا : هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة ، ولا أعلم فيه نزاعا ، وقول القائل : لإن ابتلاني الله لأصبرن ، ولإن لقيت عدو الله لأجاهدن ، نذر معلق بشرط ، كقول الآخر : لئن آتانا من فضله الآية ] التوبة : 75 [ ومنها التزام طاعة من غير شرط ، كقوله ابتداء : لله علي صوم كذا ، فيلزم الوفاء [ ص: 333 ] به في قول أكثرهم ، وقال بعض العلماء : لا يلزم الوفاء به ، لقول أبي عمرو غلام ثعلب : النذر عند العرب وعد بشرط ، لأن ما التزمه الآدمي بعوض يلزمه كالبيع ، وما التزمه بغير عوض فلا يلزمه بمجرد العقد كالهبة ، ومنها نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب ، كالاعتكاف وعيادة المريض ، فيلزم الوفاء به في قول العامة ، لقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339513من نذر أن يطيع الله فليطعه ولأنه تعالى ذم الذين ينذرون ولا يوفون ، ولأنه التزام على وجه القربة ، فلزمه لموضع الإجماع ، وكالعمرة فإنهم سلموها واجبة عندهم ، وما حكوه عن أبي عمرو لا يصح ، فإن العرب تسمي الملتزم نذرا ، وإن لم يكن بشرط ، والجعالة وعد بشرط ، وليست بنذر .
مسائل : إذا نذر الحج العام ، وعليه حجة الإسلام ، فعنه : يجزئه الحج عنهما ، وعنه : تلزمه حجة أخرى ، أصلهما : إذا نذر صوم يوم ، فوافق يوما من رمضان ، وإذا نذر صياما ، ولم ينو عددا ، أجزأه صوم يوم بلا خلاف ، وينويه ليلا ، اقتصر عليه في المحرر ، وصححه في الرعاية ، وإذا نذر صلاة مطلقة لزمه ركعتان على المذهب ، لأن الركعة لا تجزئ في فرض ، وعنه : تجزئه ركعة بناء على التنفل بها ، فدل أن في لزومها قائما الخلاف . وإن نذرها قائما لم تجز جالسا ، ولو عكس جاز ، فإن صلى جالسا لعجز كفى ، ذكره ابن عقيل ، هي بموضع غصب مع الصحة ، وله الصلاة قائما من نذر جالسا ، ويتوجه وجه ، كشرط تفريق صوم ، وفي النوادر : لو نذر أربعا بتسليمتين ، أو أطلق لم يجب ، ويتوجه عكسه إن عين ، لأنه أفضل ، والمنصوص لو حلف [ ص: 334 ] يقصد التقرب ، بأن قال : والله لإن سلم مالي لأتصدقن بكذا ، فوجد شرطه ، لزمه فعله ، ويجوز فعله قبله ، ذكره في التبصرة والفنون ، لوجود أحد سببيه ، ومنعه أبو الخطاب ، لأن تعليقه منع كونه سببا