يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال ، كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له ، والجناية الموجبة للمال ولا يقبل في حد لله تعالى . وهل يقبل فيما عدا ذلك ، مثل القصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل والوصية إليه ؛ على روايتين .
فأما حد القذف ، فإن قلنا : هو لله - تعالى - ، فلا يقبل فيه . وإن قلنا : للآدمي فهو كالقصاص .
وهو ثابت بالإجماع ، وسنده قوله - تعالى - : إني ألقي إلي كتاب كريم [ النمل : 29 ] ، وكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى وقيصر nindex.php?page=showalam&ids=888والنجاشي وملوك الأطراف ، وكان يكتب إلى عماله وسعاته ، والحاجة داعية إلى قبوله . فإن من له حق في بلد غير بلده لا يمكنه إتيانه ولا مطالبته إلا بكتاب القاضي ، وذلك يقتضي وجوب قبوله . ( يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال وما يقصد به المال ، كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له ، والجناية الموجبة للمال ) بغير خلاف نعلمه . لأن هذا في معنى الشهادة على الشهادة . ( ولا يقبل في حد لله تعالى ) جزم به في " المستوعب " و " المحرر " و " الشرح " ; لأنه مبني على الستر ، والدرء بالشبهات ، والإسقاط بالرجوع . وفيه رواية في " الرعاية " قاله مالك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور . ( وهل يقبل فيما عدا ذلك ، مثل القصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل والوصية إليه ؛ على روايتين ) :
إحداهما : يقبل ، قدمه في " المحرر " و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه لا يدرأ بالشبهات . [ ص: 104 ] والثانية : لا ، كقول أكثر العلماء . وهو قول أبي بكر وابن حامد ; لأنه لا يثبت بشاهدين كحق الله - تعالى - . وعنه : يقبل إلا في الدماء والحدود .
وفي " الشرح " : أن المذهب : لا يقبل في القصاص كالحد . وقيل : يقبل فيما تقبل فيه شهادة الفرع ، وما لا فلا ، ذكره في " الكافي " ; لأن الكتاب لا يثبت إلا بتحمل الشهادة من جهة القاضي ، فكان حكمه حكم الشهادة على الشهادة . ( فأما حد القذف ، فإن قلنا : هو لله - تعالى - ، فلا يقبل فيه ) كحقوق الله - تعالى . ( وإن قلنا : هو لآدمي فهو كالقصاص ) جزم في " الوجيز " بثبوته فيه .
تنبيه : اعلم أن الأصحاب ذكروا أن كتاب القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة ; لأنه شهادة على شهادة . وذكروا فيما إذا تغيرت حاله أنه أصل ، ومن شهد عليه فرع ، فلا يسوغ نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب . ولا يقدح في عدالة البينة ، بل يمنع إنكاره الحكم ، كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم ، فدل ذلك أنه فرع لمن شهد عنده ، وأصل لمن شهد عليه .