فصل : وإذا أقر الرجل بنسب صغير ، أو مجنون مجهول النسب ، أنه ابنه ، ثبت نسبه منه . وإن كان ميتا ورثه . وإن كان كبيرا عاقلا لم يثبت حتى يصدقه . وإن كان ميتا فعلى وجهين . ومن ثبت نسبه ، فجاءت أمه بعد موت المقر ، فادعت الزوجية ، لم يثبت بذلك .
[ ص: 309 ] فصل .
( وإذا أقر الرجل بنسب صغير ، أو مجنون مجهول النسب ، أنه ابنه ، ثبت نسبه منه ) هذا هو المذهب ; لأن الظاهر أن الشخص لا يلحق به من ليس منه ، كما لو أقر بمال ، ولا بد أن يكون مما يمكن صدقه ، وأن لا يدفع به نسبا لغيره ، ولا ينازعه فيه منازع .
وحينئذ يثبت نسبه . زاد في " المحرر " و " الرعاية " و " الفروع " : ولو أسقط وارثا معروفا ، فإذا بلغ أو عقل فأنكر لم يقبل منه ; لأنه نسب حكم بثبوته فلم يسقط برده ، كما لو قامت به بينة . ولو طلب إحلافه على ذلك لم يستحلف ; لأن الأب لو عاد فجحد النسب ، لم يقبل منه . وقيل : يسقط باتفاقهما على الرجوع عنه ، كالمال . والأول : أصح ; لأن النسب يحتاط له . ( وإن كان ميتا ورثه ) المقر . نصره في " الشرح " ، وجزم به في " الرعاية " و " الوجيز " ; لأن سبب ثبوته مع الحياة الإقرار ، وهو موجود هنا . وقيل : لا يرثه للتهمة في أخذ ميراثه .
وفي " الرعاية " : إذا مات المقر ورثه المقر به . ( وإن كان كبيرا عاقلا لم يثبت حتى يصدقه ) لأن له قولا صحيحا فاعتبر تصديقه ، كما لو أقر له بمال .
وحينئذ إذا صدقه ثبت نسبه ، ولو كان بعد موت المقر ; لأن بتصديقه يحصل اتفاقهما على التوارث من الطرفين جميعا . ( وإن كان ميتا فعلى وجهين ) : [ ص: 310 ] أحدهما : يثبت نسبه وإرثه ، اختاره القاضي ، وجزم به في " الكافي " و " الوجيز " ; لأنه لا قول له ، أشبه الصغير .
والثاني : لا ; لأن نسب المكلف لا يثبت إلا بتصديقه ، ولم يوجد .
وأجاب عن هذا بأنه غير مكلف ، ولا يعتبر في تصديق أحدهما بالآخر تكراره في المنصوص ، فيشهد الشاهدان بنسبهما بدونه .
فرع : إذا أقر بأب أو زوج أو مولى أعتقه ، قبل بالشروط السابقة . وفي " الوسيلة " : إذا قال عن بالغ : هو ابني ، أو أبي . فسكت المدعى عليه ثبت نسبه في ظاهر قوله . فائدة : قدمت امرأة من بلاد الروم ومعها طفل ، فأقر به رجل ، لحقه لوجود الإمكان وعدم المنازع . والنسب يحتاط لإثباته . ولهذا لو ولدت امرأة رجل وهو غائب عنها بعد عشر سنين أو أكثر من غيبته ، لحقه وإن لم يعرف له قدوم إليها ، ولا عرف لها خروج من بلدها . ( ومن ثبت نسبه ، فجاءت أمه بعد موت المقر فادعت الزوجية ، لم يثبت بذلك ) لأنه يحتمل أن يكون من وطء شبهة أو نكاح فاسد . ويدخل فيه : ما إذا أقر بنسب صغير لم يكن مقرا بزوجية أمه . وكذا دعوى أخته البنوة . ذكره في " التبصرة " . تنبيه : له أمتان ، لكل واحدة منهما ولد ولا زوج لواحدة منهما ، ولم يقر بوطئها ، فقال أحد هذين : ابني . أخذ بالبيان . فإن عين أحدهما ثبت نسبه وحريته ، ويطالب ببيان الاستيلاد . فإن قال : استولدتها في ملكي . فالولد حر الأصل ، أمه أم ولد . وإن قال : من نكاح أو وطء شبهة . فالأمة [ ص: 311 ] رقيق قن . ذكره في " الكافي " وغيره . وترق الأخرى وولدها . وإن ادعت الأخرى أنها المستولدة فالقول قوله مع يمينه .
وإن مات قبل البيان قام وارثه مقامه . فإن لم يكن له وارث أو لم يتعين الوارث ، عرض على القافة ، فألحق بمن ألحقته به القافة . وإن لم تكن قافة أو أشكل أقرع بينهما ، فيعتق أحدهما بالقرعة .
والمذهب : أنه يثبت نسبه ويرث . ذكره في " الكافي " و " الشرح " ، وقدمه في " الرعاية " . وقيل : لا يثبتان ; لأنه لا مدخل للقرعة في تمييز النسب ، ولها مدخل في تمييز الرق من الحرية . واقتصر عليه السامري ، ثم ذكر : أنه يجعل سهمه في بيت المال ; لأنا نعلم أن أحدهما يستحق نصيب ولد ولا يعرف عينه ، فلا تستحقه بقية الورثة ، فيكون في بيت المال . وقال : يعتق من كل واحد نصفه ، ويستسعى في باقيه ولا يرقان .
فرع : إذا باع واشترى ، ثم أقر بالرق لزيد ، صح ولم تبطل عقوده الماضية .