قال الأخفش : إلا أنه أحسن من نعم في التصديق ، ونعم أحسن منه في الاستفهام .
ويدل عليه قوله تعالى : فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم [ الأعراف : 44 ] ، وقيل لسلمان رضي الله عنه علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة ؛ قال : أجل . ( أو صدقت ، أو أنا مقر بها ، أو بدعواك ، كان مقرا ) لأن هذه الألفاظ وضعت للتصديق .
ولو قال : أليس لي عليك كذا ؛ قال : بلى . كان إقرارا صحيحا ; لأن بلى جواب للسؤال بحرف النفي ؛ لقوله تعالى : ألست بربكم قالوا بلى [ الأعراف : 172 ] فلو قال : نعم . لم يكن مقرا . وقيل : إقرار من عامي ، كقوله : عشرة غير درهم بضم الراء . يلزمه تسعة .
وفي " مختصر ابن رزين " : إذا قال لي عليك كذا ؛ فقال : نعم أو بلى ، كان [ ص: 320 ] مقرا .
وفي قصة إسلام nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=10340983فقدمت المدينة فدخلت عليه ، فقلت : يا رسول الله أتعرفني ؛ قال : نعم ، أنت الذي لقيتني بمكة . قال : فقلت : بلى . قال في " شرح مسلم " : فيه صحة الجواب ببلى ، وإن لم يكن قبلها نفي ، وصحة الإقرار بها ، وقال : وهو الصحيح من مذهبنا . ( وإن قال : أنا أقر ولا أنكر ، أو يجوز أن يكون محقا ، أو عسى أو لعل أو أظن أو أحسب ، أو أقدر ، أو خذ ، أو اتزن ، أو أحرز ، أو افتح كمك ، لم يكن مقرا ) لأن قوله : ( أنا أقر ) وعد بالإقرار ، والوعد بالشيء لا يكون إقرارا به ، هذا هو الأصح فيه ، وفي ( لا أنكر ) ; لأنه لا يلزم من عدم الإنكار الإقرار ، فإن بينهما قسما آخر وهو السكوت عنهما ؛ ولأنه يحتمل : لا أنكر بطلان دعواك .
وقيل : بلى كـ أنا مقر .
وقوله : ( يجوز أن يكون محقا ) لجواز أن لا يكون محقا ; لأنه لا يلزم من جواز الشيء وجوبه .
وقوله : ( عسى أو لعل ) لأنهما وضعا للشك .
وقوله : ( أظن أو أحسب أو أقدر ) لأنها تستعمل في الشك أيضا [ ص: 321 ] وقوله : ( خذ ) لأنه يحتمل : خذ الجواب مني .
وقوله : ( واتزن ) أي : أحرز مالك على غيري .
وقوله : ( افتح كمك ) لأنه يستعمل استهزاء لا إقرارا .
وكذا قوله : اختم عليه ، أو اجعله في كيسك ، أو سافر بدعواك ، ونحوه . ( وإن قال : أنا مقر ، أو خذها ، أو اتزنها ، أو اقبضها ، أو أحرزها ، أو هي صحاح ، فهل يكون مقرا ؛ يحتمل وجهين ) كذا أطلقهما في " المحرر " و " الفروع " .
أشهرهما : يكون مقرا . وجزم به في " الوجيز " ; لأنه عقب الدعوى فيصرفه إليها ، ولأن الضمير يرجع إلى ما تقدم . وكذا إذا قال : أقررت .
الثالثة : بقية الصور فيلزمه ; لأنه جواب صريح ، أشبه ما لو قال : عندي . كقوله : اقضني ألفا من الذي عليك ، أو لي ، أو هل لي عليك ألف ؛ فقال : نعم . أو قال : أمهلني يوما ، أو حتى أفتح الصندوق .
فرع : إذا قال : بعتك ، أو زوجتك ، أو قبلت ـ إن شاء الله ـ . صح ، كالإقرار . قال في " عيون المسائل " : كـ أنا صائم غدا ـ إن شاء الله ـ ، يصح بنيته وصومه ، ويكون تأكيدا . ولم يرتضه في " الفروع " . قال القاضي : يحتمل أن لا تصح العقود ; لأن له الرجوع فيها بعد إيجابها قبل القبول ، بخلاف الإقرار . وفي " المجرد " : في بعتك ، أو زوجتك ـ إن شاء الله ـ ، أو بعتك إن شئت . فقال : قبلت ، أو قبلت ـ إن شاء الله ـ صح . وقال أبو إسحاق بن شاقلا : إذا قال : زوجتك ـ إن شاء الله ـ . لا أعلم خلافا عنه أن النكاح صحيح . وإن قال : بعتك بألف إن شئت . فقال : قد شئت وقبلت . صح ; لأن هذا الشرط من موجب العقد ومقتضاه . ( وإن قال : إن قدم فلان فله علي ألف . لم يكن مقرا ) حيث قدم الشرط ; لأنه ليس بمقر في الحال ، وما لا يلزمه في الحال لا يصير واجبا عند وجود الشرط ; لأن الشرط لا يقتضي إيجاب ذلك . ( وإن قال : له علي [ ص: 323 ] ألف إن قدم فلان ) أو إن شاء ( فعلى وجهين ) الأشهر : أنه لا يكون مقرا كالتي قبلها .
والثاني : يكون مقرا ; لأنه قدم الإقرار ، فثبت حكمه وبطل الشرط ; لأنه لا يصلح أن يكون آجلا ؛ ولأن الحق الثابت في الحال لا يقف على شرط فقط .
أشهرهما : لا يكون مقرا . وجزم به في " الكافي " وغيره ; لأنه بدأ بالشرط وعلق عليه لفظا يصلح للإقرار ، ويصلح للوعد ، فلا يكون إقرارا مع الاحتمال .
والثاني : بلى كالتي قبلها .
قال في " الشرح " : ويحتمل أنه لا فرق بينهما ; لأن تقديم الشرط وتأخيره سواء . فيكون فيهما جميعا وجهان . وكذا في " الرعاية " .
وفي " المحرر " و " الفروع " : يصح : له علي كذا ، إذا جاء وقت كذا لاحتمال إرادة المحل . [ ص: 324 ] قال في " الفروع " : وفيه تخريج في عكسها . وأطلق في " الترغيب " وجهين فيهما . ( وإن قال : له علي ألف إن شهد به فلان ، أو إن شهد به فلان صدقته . لم يكن مقرا ) لأنه علقه على شرط ؛ ولأنه يجوز أن يصدق الكاذب . وفي " الكافي " وغيره : إذا قال : له علي ألف إن شهد به فلان هل يكون مقرا ؛ على وجهين . ( فإن قال : إن شهد به فلان ، فهو صادق . احتمل وجهين ) كذا في " المحرر " .
أحدهما : لا يكون إقرارا ; لأنه علقه على شرط .
والثاني : بلى . جزم به في " الوجيز " و " الفروع " ; لأنه لا يتصور صدقه إلا مع ثبوته في الحال ، وقد أقر بصدقه .
قال في " الرعاية " : فإن قال : الشهود عدول فليس إقرارا بالمدعى .
وقيل : بلى ، ويحلف منكر الشراء على نفيه ، وترد الأمة إلى سيدها ملكا ، ولا بيع ولا نكاح ولا شيء على الآخر ، سواء دخل بها أو لا . وهل للسيد وطؤها إذا [ ص: 325 ] عادت ؛ فيه وجهان . فإن نكل المشتري عن اليمين ، أو حلف منكر النكاح اليمين المردودة عليه ، ثبت البيع ووجب الثمن ، وللمشتري وطؤها بكل حال ; لأنها زوجته أو أمته . ويحتمل أن يجب الأقل من ثمنها أو الأرش . فإن ولدت وتنازعا ، فالولد حر ونفقته على أبيه ويتوارثان ، ولا تعود إلى منكر النكاح ; لأنه يزعم أنها أم ولد الواطئ ، وأن ولده حر لا ولاء عليه ، ويدعي ثمنها ولا تقر بيد الواطئ ; لأنه يزعم أنها ملك منكر النكاح وولدها ومهرها . فإن كان الواطئ صادقا ، جاز له وطؤها باطنا فقط ، ونفقتها في كسبها .
وقال ابن حمدان : بل على سيدها . وتوقف فاضلة حتى ينكشف الحال ، أو يصطلحا ، والولد حر .
فإن مات قبل موت مستولدها ، فلمدعي بيعها أخذ الثمن من تركتها .
فإن فضل شيء وقف . وإن ماتت بعد موته صرف إلى نسيبها الحر الوارث ; لأنها حرة . فإن عدم ، وقف التركة والولاء حتى يعرف المستحق . فإن صدقه مستولدها لزمه الثمن ، وكانت أم ولد . وإن صدقه سيدها الأول ، سقط مهر المثل ولم تبطل حريتها ، ولا حرية ولدها . وقيل : إن بطل البيع ، فلا ثمن ولا مهر ولا يأخذها أحدهما ، ولا يطؤها .
والأول ذكره السامري ، وقدمه في " الرعاية " ، وذكر في " النهاية " : أن الصحيح جواز الوطء لمدعي الزوجية . وقيل : باطنا .