صفحة جزء
فإن قال : له عندي ألف . وفسره بدين أو وديعة ، قبل منه . وإن قال : له علي ألف . وفسره بوديعة ، لم يقبل . ولو قال : له في هذا المال ألف لزمه تسليمه . وإن قال : له من مالي ، أو ما في ميراثي من أبي ألف ، أو نصف داري هذه وإن فسره بالهبة ، وقال : بدا لي من تقبيضه . قبل . وإن قال : له في ميراث أبي ألف . فهو دين على التركة . وإن قال : له نصف هذه الدار . فهو مقر بنصفها . وإن قال : له هذه الدار عارية . ثبت لها حكم العارية .


( وإن قال : له عندي ألف . وفسره بدين أو وديعة ، قبل منه ) لا نعلم فيه خلافا ، ذكره في " الشرح " سواء فسره متصلا أو منفصلا ; لأنه فسر لفظه بأحد مدلوليه فقبل . كما لو قال : له علي ألف . وفسره بدين ، فعلى هذا : تثبت أحكام الوديعة ، بحيث لو ادعى تلفها أو ردها قبل .

فرع : إذا قال : له عندي ألف . أو هلك المبيع قبل قبضه . صدق نص عليه .

ويحتمل أن يلزمه لظهور مناقضته . قال ابن حمدان : إن قاله منفصلا : وكذا ظننته تالفا ، ثم علمت تلفه .

وقال الأزجي : لا يقبل هنا . واختاره المؤلف لما فيه من مناقضة الإقرار [ ص: 342 ] والرجوع عما أقر به .

وقدم في " الشرح " : أنه إذا قال : له عندي وديعة رددتها إليه أو تلفت أنه يلزمه ضمانها . ( وإن قال : له علي ألف . وفسره بوديعة ، لم يقبل ) ذكره معظم الأصحاب ، وقاله أكثر العلماء ; لأن " علي " للإيجاب في الذمة ، والإقرار فيه بظاهر اللفظ ، بدليل ما لو قال : ما على فلان علي . كان ضامنا ، فإذا فسره بالوديعة لم يقبل ; لأن تفسيره يناقض ظاهر إقراره . وهذا إذا كان التفسير متصلا ; لأن الكلام بآخره . وقيل : يقبل المنفصل كالمتصل ، كما لو صدق المقر له ، وقاله مضاربة أو وديعة . فإن زاد : بالمتصل وقد تلفت . لم يقبل . ذكره القاضي وغيره ; لأن قوله : " له علي " يقتضي أنها عليه . وقوله : وقد تلفت . يقتضي أنها ليست عليه ، وهو تناقض ، فلم يقبل منه . بخلاف ما لو قال : كان له علي ألف وديعة ، وتلفت . فإنه مانع من لزوم الأمانة ; لأنه أخبر عن زمن ماض فلا تناقض . وإن أحضره وقال : هو هذا وهو وديعة . فقال المقر له : هذا وديعة ، والمقر به غيره ، وهو دين عليك . صدق المقر له ، وذكر الأزجي عن الأصحاب ، وقال القاضي ، وصححه في " الرعاية " : يصدق المقر . ( ولو قال : له في هذا المال ألف لزمه تسليمه ) جزم به الأكثر ; لأنه اعترف أن الألف مستحق في المال المشار إليه . وكذا إن قال : له في هذا العبد ألف ، وفي هذه الدار نصفها . فلا يقبل تفسيره بإنشاء هبة . ( ولو قال : له من مالي ) أو في مالي ( أو في ميراثي من أبي ألف ، أو نصف داري هذه ) صح على الأصح . وفي " الترغيب " : المشهور : لا للتناقض . فلو زاد : بحق لزمني ونحوه . صح عليهما ، قاله القاضي وغيره . وعلى الأول [ ص: 343 ] ( وإن فسره بالهبة ، وقال : بدا لي من تقبيضه . قبل منه ) ذكره جماعة ; لأن التفسير يصلح أن يعود إليها من غير تناف . وكما لو قال : له علي ألف . ثم فسره بدين .

وقال القاضي وأصحابه : لا يقبل . وعلى الأول : إن مات ولم يفسره ، أو رجع عنه ، لم يلزمه شيء . وذكر الأزجي في ( له ألف في مالي ) : يصح ; لأن معناه استحقه بسبب سابق ، ومن مالي وعد . قال : وقال أصحابنا : لا فرق بين من والفاء في أنه يرجع في تفسيره إليه ، ولا يكون إقرارا إذا أضافه إلى نفسه ، ثم أخبره لغيره بشيء منه . ( وإن قال : له في ميراث أبي ألف . فهو دين على التركة ) لأن ذلك في قوة قوله : له على أبي دين كذا .

وفي " الترغيب " : له في هذا المال أو في هذه التركة ألف . صح . قال : ويعتبر أن لا يكون ملكه .

فلو قال الشاهد : أقر ، وكان ملكه إلى أن أقر . أو قال : هذا ملكي إلى الآن ، وهو لفلان . فباطل . ولو قال : هو لفلان ، وما زال ملكي إلى أن أقررت . لزمه بأول كلامه . ( وإن قال : له نصف هذه الدار . فهو مقر بنصفها ) لأنه أقر بذلك . ( وإن قال : له هذه الدار عارية . ثبت لها حكم العارية ) لإقراره بذلك . فعارية : بدل من الدار ، ولا تكون إقرارا بالدار ; لأنه رفع بآخر كلامه ما دخل في أوله . وهو بدل اشتمال ; لأن الأول مشتمل على الثاني ، كقوله تعالى : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه [ البقرة : 217 ] فالشهر يشتمل على القتال . [ ص: 344 ] فعلى هذا : لا تثبت له الدار ، وإنما تثبت له منفعتها . فكأنه قال : له الدار منفعتها .

وإن قال : له هذه الدار هبة . عمل بالبدل . وفيه نظر ; لأن الدار لا تشتمل على الهبة . لكن يوجه بالنسبة إلى الملك ; لأن قوله : له الدار ، إقرار بالملك ، والملك يشتمل على ملك الهبة ، فقد أبدل من الملك بعض ما يشتمل عليه ، وهو الهبة . فكأنه قال : له ملك الدار هبة . وحينئذ تعتبر شروط الهبة . وقيل : لا يصح ; لكونه من غير الجنس .

قال في " الفروع " : ويتوجه عليه ـ أي : على القول بأنه لا يصح ـ منع : له هذه الدار ثلثاها .

وذكر المؤلف صحته ; لأنه لا يجعله استثناء بل بدلا . وإن قال : هبة سكنى ، أو هبة عارية . عمل بالبدل .

وقال ابن عقيل : قياس قول أحمد بطلان الاستثناء هنا ; لأنه استثنى الرقبة وبقاء المنفعة ، وهو باطل عندنا ، فيكون مقرا بالرقبة والمنفعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية