ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة ، فإن قطعها في أثنائها بطلت ، وإن تردد في قطعها فعلى وجهين ، فإن أحرم قبل وقته انقلب نفلا ، وإن أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا جاز ، ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة ، وإن انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان .
( ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة ) لأن كل عبادة يشترط لها النية ، فيشترط استصحابها كالصوم ، ومعنى الاستصحاب : أن لا ينوي قطعها ، فدل على أنها إذا ذهل عنها أو عزبت عنه في أثنائها أنها لا تبطل ، لأن التحرز من هذا غير ممكن ( فإن قطعها في أثنائها بطلت ) نص عليه ، لأن النية شرط ، وقد قطعها ، أشبه ما لو سلم ينوي الخروج منها ، وفي ثانية : لا تبطل كالحج ، وفرق في " المغني " و " الشرح " بأن الحج لا يخرج منه بمحظوراته بخلاف الصلاة ، وقيل : لا تبطل إن أعادها قريبا ، وهو بعيد ( وإن تردد في قطعها ) أو عزم على النسخ ( فعلى وجهين ) أحدهما : لا تبطل ، وهو قول ابن حامد ، لأنه دخل بنية متيقنة ، فلا تزول بالشك كسائر العبادات ، والثاني : تبطل ، وجزم به في " الوجيز " لأن استدامة النية شرط ، ومع التردد لا يبقى مستديما ، وكذا إن علق قطعها على شرط ، وصحح في " الرعاية " أنها لا تبطل ، وظاهره أنه إذا عزم على فعل محظور كالحديث أنها لا تبطل ، وصرح به جمع .
أصل : إذا شك فيها في النية ، أو في تكبيرة الإحرام استأنفها ، لأن الأصل عدمها ، فإن ذكر ما شك فيه قبل قطعها ، فقدم في " الرعاية " أنه إن أطال استأنفها ، وإلا فلا ، وقال جماعة : إن لم يكن أتى بشيء من أفعال الصلاة بنى ، لأنه لم [ ص: 418 ] يوجد مبطل لها ، وإن كان قد عمل فيها عملا مع الشك بنى في قول ابن حامد ، وقاله في " التلخيص " لأن الشك لا يزيل حكم النية ، وقال القاضي : تبطل ، وجزم به في " الكافي " لخلوه عن نية معتبرة ، وقال المجد : إن كان العمل قولا لم تبطل كتعمد زيادة ، ولا يعتد به ، وإن كان فعلا كركوع وسجود بطلت لعدم جوازه ، كتعمده في غير موضعه ، وحسنه ابن تميم .
( فإن أحرم بفرض فبان قبل وقته ) أو بان عدمه أو بفائتة ، فلم تكن ( انقلبت نفلا ) لأن نية الفرض تشمل نية النفل ، فإذا بطلت نية الفرضية بقيت نية مطلق الصلاة ، وعنه : لا تنعقد لأنه لم ينوه ، وظاهره أنه إذا أحرم به قبل وقته مع علمه أنها لا تنعقد ، وهو كذلك في الأصح ( وإن أحرم به في وقته ، ثم قلبه نفلا جاز ) قدمه جماعة ، وهو المذهب ، لأنه إكمال في المعنى ، كنقض المسجد للإصلاح ، ولأن نية النفل تضمنتها نية الفرض ، لكنه يكره لكونه أبطل عمله ، وقال القاضي في موضع : لا تصح رواية واحدة ، كما انتقل من فرض إلى آخر ، وفي " الجامع " أنه يخرج على روايتين ، وصحح في المذهب أنه لا تصح ، لأنه أبطل عمله لغير سبب ولا فائدة ( ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر ) أي : لغرض صحيح ( مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة ) قدمه غير واحد ، لأنه ينتقل إلى أفضل من حاله ، وذلك مطلوب في نظر الشرع ، وهل ذلك أفضل أم تركه ؛ على روايتين ، صرح في " الشرح " بعدم الكراهة ، وعنه : لا يجوز ، حكاها القاضي ، وعن أحمد فيمن صلى ركعة من فريضة منفردا ، ثم حضر الإمام ، وأقيمت الصلاة : يقطع صلاته معهم . يتخرج منه قطع النافلة بحضور الجماعة بطريق الأولى ، فإن دخل معهم قبل قطعه ، ففي [ ص: 419 ] الإجزاء روايتان ( وإن انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان ) لأنه قطع نية الأولى ، ولم ينو للثانية من أولها ، وقال ابن حمدان : إن قلنا لا تجب نية القضاء صح ما نقله إليه دون ما نقله عنه ، وفي " الفروع " أنه إذا نوى الثاني من أوله بتكبيرة الإحرام أنه يصح ، وفي نفله الخلاف ، وكذا كل صلاة نواها فرضا ، واعتقد جوازه بعد إتمامها فرضا ، كصلاة الفذ خلف الصف ، وفي الكعبة ، وخلف الصبي ، والمتنفل على رواية ، والأقيس بقاؤها نفلا ، وإن اعتقد عدم جوازه فوجهان ، وظاهره البطلان ، وقوله : بطلت الصلاتان فيه تجوز ، لأن الثانية لا توصف به .