والثاني : أن يتكلم ساهيا ، وهو مبطل لها في قول الأكثر للعموم ( وعنه : لا تبطل إذا كان ساهيا ) قدمه أبو الحسين ، وابن تميم ، ونصره في " التحقيق " ، ولا فرق بين أن يتكلم ساهيا أنه في صلاة أو يظن أن صلاته قد تمت ، فيسلم ، [ ص: 514 ] ويتكلم ( أو جاهلا ) ذكره المؤلف ، وصاحب " التلخيص " لأنه عليه السلام لم يأمر معاوية حين شمت العاطس جهلا بتحريمه بالإعادة ، والساهي مثله ، لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان ، وظاهره أنه لا فرق بين الجاهل بتحريم الكلام أو الإبطال به ، قال القاضي في " الجامع " : لا أعرف عن أحمد نصا في الجاهل بتحريم الكلام ، وألحق بعض أصحابنا الحديث العهد بالإسلام به ، وفيه وجه لا تبطل بحال ، ذكره في " المغني " احتمالا ؛ لما روى أبو هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=10338835أن أعرابيا قال وهو في الصلاة : اللهم ارحمني ومحمدا ، ولا ترحم معنا أحدا فلم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ثم قال : والأولى أن يخرج هذا على الروايتين في الناسي ، لأنه معذور بمثله .
أحدها : أن تخرج الحروف بغير اختياره ، كما لو غلبه سعال أو عطاس أو تثاؤب ، فبان حرفان ، أو سبق لسانه حال قراءته إلى كلمة غير القرآن لم تبطل ، نص عليه ، لأنه لا يمكنه التحرز منه ، وقيل : هو كالناسي .
الثاني : أن ينام فيتكلم ، فقد توقف أحمد عن الجواب عنه ، والأولى أنها لا تبطل به ، لرفع القلم عنه ، ولعدم صحة إقراره ، وعتقه .
الرابع : أن يتكلم بكلام واجب ، مثل أن يخشى على ضرير أو صبي الوقوع في هلكة ، أو يرى حية تقصد غافلا ، أو نارا يخاف أن تشتعل في شيء ، ولا يمكنه التنبيه بالتسبيح ، فقال أصحابنا : تبطل به لما سبق ، وقيل : لا ، وهو ظاهر كلام أحمد ، وصححه في " الرعاية " لقصة ذي اليدين ، وقيل : هو كالناسي ، وذكر ابن تميم ، وغيره أنه متى أمكن استغناؤه بإشارة لم يجز أن يتكلم ، ولا يتكلم بزيادة على حاجته ، وحاصله أن المبطل منه ما كان على حرفين كقوله أب ، ودم أي : ظاهرا ، لأنه لا تنتظم كلمة من أقل منهما ، فلو قال : لا ، فسدت صلاته ، لأنها لام وألف .