ويمسح المقيم يوما وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن إلا الجبيرة ، فإنه يمسح عليها إلى حلها ، أو برئها ، وابتداء المدة من الحدث بعد اللبس ، وعنه : من المسح بعده ، ومن مسح مسافرا ، ثم أقام أتم مسح مقيم ، وإن مسح مقيما ثم سافر ، أو شك في ابتدائه ، أتم مسح مقيم ، وعنه : يتم مسح مسافر ، ومن أحدث ، ثم سافر قبل المسح أتم مسح مسافر .
( ومن مسح مسافرا ثم أقام أتم مسح مقيم ) كما في " المغني " و " الشرح " : بغير خلاف نعلمه ، لأنها عبادة تختلف في الحضر والسفر ، فإذا وجد أحد طرفيها [ ص: 143 ] في الحضر غلب حكمه ، ولو تلبس بصلاة في سفينة ، فدخلت الإقامة في أثنائها بطلت ، قال في " الرعاية " : في الأشهر ، وقوله : أتم مسح مقيم مراده : إذا لم يستكمل مدة الإقامة ، فإن استكملها خلع ، قال ابن تميم : رواية واحدة لتغليب جانب الحضر ، وذكر الشيرازي أنه إذا مسح أكثر من يوم وليلة ، ثم أقام أتم مسح مسافر ( وإن مسح مقيما ثم سافر ) أتم مسح مقيم اختاره الخرقي ، وابن أبي موسى ، والأكثر ، لما تقدم من تغليب جانب الحضر ، وظاهره أنه لا فرق بين أن يصلي في الحضر أو لا ، وهذا من جملة المسائل التي أقيم فيها الزمان مقام الفعل ، كما إذا رهنه أو وهبه شيئا عنده ، وأذن له في قبضه ، ومضى زمن إمكانه صار كالمقبوض ، وقال أبو بكر : يتوجه أن يقال : إن صلى بطهارة المسح في الحضر غلب جانبه ( أو شك في ابتدائه أتم مسح مقيم ) لأن الأصل الغسل ، والمسح رخصة ، فإذا وقع الشك في شرطها رد إلى الأصل ، وسواء شك هل أول مسحه في حضر أو سفر ، أو علم أول المدة ، وشك هل كان مسحه حاضرا أو مسافرا ( وعنه : يتم مسح مسافر ) فيهما ، أما الأولى فاختارها الخلال ، وصاحبه ، وأبو الخطاب في " الانتصار " ، لأن هذا مسافر فيعطى حكمه . وادعى الخلال أنه نقله عن أحمد أحد عشر نفسا ، ورجع عن قوله الأول; وأما الثانية : فلأنه مسافر ، قال ابن حمدان : كونه يتم مسح مسافر مع الشك في أوله غريب بعيد ، لأنه لا يجوز المسح مع الشك في إباحته ، لأن الأصل وجوب الغسل ، فلو شك في بقاء المدة لم يمسح ، فإن مسح الشاك ، فبان بقاء المدة صح وضوءه ، وقيل : لا ، كما يعيد ما صلى به مع شكه بعد يوم وليلة .
[ ص: 144 ] قال في " الكافي " وغيره : ومن لبس وأحدث ، ومسح ، وصلى الظهر ، ثم شك هل مسح قبل الظهر أو بعدها ؛ وقلنا : ابتداء المدة من المسح ، بني الأمر في المسح في المدة قبل الظهر ، وفي الصلاة على أنه مسح بعدها ، لأن الأصل بقاء الصلاة في ذمته ، ووجوب الغسل ، فعاد كل شيء إلى أصله .
فرع : لو مسح إحدى خفيه في الحضر ، والأخرى في السفر يتوجه لنا خلاف .
( ومن أحدث ثم سافر قبل المسح أتم مسح مسافر ) قال في " المغني " : لا نعلم فيه خلافا ، لأنه ابتدأ المسح مسافرا ، وذكر في الخلاف و " الرعاية " رواية أخرى : أنه يتم مسح مقيم ، كمن سافر بعد دخول الوقت ، ولم يحرم بالصلاة ، وقيل : إن مضى وقت صلاة .