فصل في صلاة الخوف قال الإمام أبو عبد الله رحمه الله تعالى : صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من خمسة أوجه أو ستة ، كل ذلك جائز لمن فعله ، فمن ذلك إذا كان العدو من جهة القبلة صف الإمام المسلمين خلفه صفين ، فصلى بهم جميعا إلى أن يسجد فيسجد معه الصف الذي يليه ، ويحرس الآخر حتى يقوم الإمام إلى الثانية ، فيسجد ويلحقه ، فإذا سجد في الثانية سجد معه الصف الذي حرس ، وحرس الآخر حتى يجلس الإمام في التشهد ، فيسجد ويلحقه ، فيتشهد ويسلم بهم . الوجه الثاني : إذا كان في غير جهة القبلة ، جعل طائفة حذاء العدو ، وطائفة تصلي معه ركعة ، فإذا قاموا إلى الثانية ثبت قائما ، وأتمت لأنفسها أخرى . وسلمت ومضت إلى العدو ، وجاءت الأخرى فصلت معه الركعة الثانية ، فإذا جلس للتشهد أتمت لأنفسها أخرى ، وتشهدت ، وسلم بهم . فإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى ركعتين ، وبالثانية ركعة . وإن كانت رباعية غير مقصورة ، صلى بكل طائفة ركعتين ، وأتمت الأولى بـ ( الحمد لله ) في كل ركعة ، والأخرى تتم بـ ( الحمد لله ) وسورة ، وهل تفارقه الأولى في التشهد أو في الثالثة ؛ على وجهين . وإن فرقهم أربعا ، فصلى بكل طائفة ركعة ، صحت صلاة الأوليين ، وبطلت صلاة الإمام والأخريين إن علمتا بطلان صلاته . الوجه الثالث : أن يصلي بكل طائفة ركعة ، ثم تمضي إلى العدو ، وتأتي الأخرى ، فيصلي بها ركعة ويسلم وحده ، وتمضي هي إلى العدو ، ثم تأتي الأولى فتتم صلاتها ، ثم تأتي الأخرى فتتم صلاتها . الوجه الرابع : أن يصلي بكل طائفة صلاة ويسلم بها . الوجه الخامس : أن يصلي الرباعية المقصورة تامة ، وتصلي معه كل طائفة ركعتين ، ولا تقضي شيئا ، فتكون له تامة ، ولهم مقصورة . ويستحب أن يحمل معه في الصلاة ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله ، كالسيف والسكين ، ويحتمل أن يجب ذلك .
وهي ثابتة بقوله تعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة [ النساء : 102 ] الآية ، وما ثبت في حقه ثبت في حق أمته ما لم يقم دليل على اختصاصه ; لأن الله تعالى أمر باتباعه ، وتخصيصه بالخطاب لا يقتضي اختصاصه بالحكم ، بدليل قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة [ التوبة : 103 ] وبالسنة ، وقد ثبت وصح أنه عليه السلام صلاها ، وأجمع الصحابة على فعلها ، وصلاها علي ، nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ، وحذيفة .
فإن قلت : فالنبي لم يصلها يوم الخندق ؛ وجوابه بأنه كان قبل نزولها ، قال في " الشرح " : ويحتمل أنه عليه السلام نسيها يومئذ ، ولم يكن يومئذ قتال يمنعه منها .
[ ص: 126 ] ( قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله ) أحمد بن محمد بن حنبل : ( صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف من خمسة أوجه أو ستة ) وقال في رواية أخرى : ستة أوجه أو سبعة ( كل ذلك جائز لمن فعله ) قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : تقول بالأحاديث كلها أو تختار واحدا منها ؛ قال : أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن ، وأما حديث سهل فأنا أختاره .
( الوجه الثاني : إذا كان العدو جهة القبلة جعل طائفة حذو العدو ، وطائفة تصلي معه ركعة ، فإذا قاموا إلى الثانية ثبت قائما ، وأتمت لأنفسها أخرى [ ص: 128 ] وسلمت ، ومضت إلى العدو ، وجاءت الأخرى فصلت معه الركعة الثانية ، فإذا جلس للتشهد أتمت لأنفسها أخرى ، وتشهدت ، وسلم بهم ) وذلك متفق عليه . من حديث صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339051أن طائفة صفت معه ، وطائفة وجاه العدو ، فصلى بالتي معه ركعة ، ثم ثبت قائما ، وأتموا لأنفسهم ، ثم انصرفوا ، وصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة من صلاته ، ثم ثبت جالسا ، وأتموا لأنفسهم ، ثم سلم بهم وصح عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة مرفوعا ، وهذا هو المختار عند أحمد ; لأنه أنكى للعدو ، وأقل في الأفعال ; وهو أشبه بكتاب الله تعالى ، وأحوط للصلاة والحرب ، وإن صلى كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ; وهو الوجه الثالث ، جاز ، وظاهره أنه يشترط لهذه الصلاة أن يكون العدو في غير جهة القبلة ; وهو قول القاضي وجماعة ; لأن صلاته عليه السلام بذات الرقاع كانت كذلك ، والمنصوص عن أحمد : أنها تفعل ، وإن كان العدو في جهة القبلة ، قال ابن تميم : قال شيخنا : نص أحمد محمول على ما إذا لم تمكن صلاة عسفان لانتشار العدو ، وقول القاضي محمول ما إذا أمكنت .
قوله : جعل طائفة حذو العدو ، شرط أبو الخطاب ، واقتصر عليه في " التلخيص " أن يكون المصلون يمكن تفريقهم طائفتين ، كل طائفة ثلاثة ; لقوله تعالى فإذا سجدوا [ النساء : 102 ] وأقل الجمع ثلاثة ، وذهب المؤلف وجمع إلى عدم اشتراطه ; لأن ما دون الثلاثة يصح به الجماعة فجاز أن تكون طائفة كالثلاثة ، بل تطلق ويراد بها الواحد ، قال القاضي وغيره : [ ص: 129 ] وإن كان كل طائفة أقل من ثلاثة ، كره ، وصح ، لا يجب التسوية بينهما ، لكن يجب أن تكون الطائفة التي بإزاء العدو تحصل الثقة بكفايتها ، وحراستها ، زاد أبو المعالي بحيث يحرم فرارها ، فإن فرط الإمام في ذلك أثم ; وهو صغيرة ، الأشبه أنه لا يقدح ; لأن النهي لا يختص بشرط الصلاة ، وقيل : يفسق ، وإن لم يتكرر ، كالمودع ، ومتى خشي اختلال حالهم ، واحتيج إلى معونتهم بالطائفة الأخرى ، فللإمام أن ينهز إليهم بمن معه ، وثبتوا على ما مضى من صلاتهم ، فإن أتى الطائفة التي بإزاء العدو مدد ، استغنت به عن الحراسة ، فهل تترك الحراسة بغير إذن الإمام وتصلي ؛ فيه وجهان ، وعليهما متى صلت ، فصلاتها صحيحة .
قوله : وطائفة تصلي معه ركعة ، ويستحب أن يخفف لهم الصلاة ; لأن موضوعها على التخفيف ، وكذا الطائفة التي تفارقه ، وظاهره أنها لا تفارقه حتى يستقل قائما ; لأن النهوض يشتركون فيه جمعا ، فلا حاجة إلى مفارقتهم له قبله ; لأنها إنما جازت للعذر ، وتنوي المفارقة ; لأن من ترك المتابعة ، ولم ينو المفارقة بطلت ، وتسجد لسهو إمامها قبل المفارقة عند فراغها ; وهي بعد المفارقة منفردة ، وقيل : منوية ، والطائفة الثانية منوية في كل صلاته ، يسجدون لسهوه لا لسهوهم .
قوله : ثبت قائما أي : يقرأ حال انتظاره ويطيلها ، ذكره في " المحرر " وغيره ، ولم يذكرها المؤلف ; لأنه ليس في الصلاة حال سكوت ، والقيام محل القراءة فينبغي أن يأتي بها كما في التشهد إذا انتظرهم ، وقال القاضي : إذا قرأ في انتظارهم قرأ بعد مجيئهم بفاتحة الكتاب ، وسورة خفيفة ، وإن لم يقرأ في انتظارهم [ ص: 130 ] قرأ إذا جاءوا بالفاتحة وسورة ، وهذا على سبيل الاستحباب ، فلو قرأ قبل مجيئهم ، ثم ركع عند مجيئهم ، أو قبله ، فأدركوه راكعا ركعوا معه ، وصحت الركعة مع ترك السنة .
قوله : فإذا جلس للتشهد أي : يتشهد ويطيله ، ويطيل الدعاء فيه حتى يدركه فيتشهدوا ، ويسلم بهم ، وقيل : له أن يسلم قبلهم بعد أن صلوا معه ركعة ، ثم يصلوا وحدهم ركعة أخرى ويسلموا ، والأول أولى لموافقة الخبر ، ولقوله تعالى ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك [ النساء : 102 ] فيدل على أن صلاتهم كلها معه ، ولتحصل المعادلة بينهما ، فإن الأولى أدركت معه الإحرام ، والثانية السلام ، وهذه الصفة والتي قبلها في الركعتين كصلاة الفجر ، والرباعية المقصورة للمسافر ، فأما الجمعة فتصلى في الخوف حضرا بشرط كون الطائفة أن تعين ، فيصلي بطائفة ركعة بعد حضورها الخطبة ، فإن أحرم بالتي لم يحضرها ، لم يصح ، وتقضي كل طائفة ركعة بلا جهر ، وتصلي الاستسقاء ضرورة كالمكتوبة ، والكسوف والعيد آكد منه .
( فإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى ركعتين ، وبالثانية ركعة ) ذكره الأصحاب ; لأنه إذا لم يكن بد من التفضيل ، فالأولى أحق به ، وما فات الثانية ينجبر بإدراكها السلام مع الإمام ، ونص أحمد على أنه لو عكس صحت ، وروي عن علي ; لأن الأولى أدركت معه الإحرام ، فينبغي أن يزيد الثانية في الركعات ليحصل الجبر به قال في " الشرح " : وكيف فعل جاز ، والأول أولى ; لأنها تصلي جميع صلاتها في حكم الإتمام ، [ ص: 131 ] والأولى تفعل صلاتها في حكم الانفراد ، قال في " الفروع " : ويتخرج : يفسد من فسادها بتفريقهم أربع طوائف ، وعلى الأول إذا صلى بالثانية الركعة الثالثة ، وجلس للتشهد قامت ، ولا تتشهد معه ; لأنه ليس بموضع لتشهدها ، بخلاف الرباعية ، وفيه وجه : تتشهد معه إذا قلنا : إنها تقضي ركعتين متواليتين ، لئلا يفضي إلى أن يصلي ثلاث ركعات بتشهد واحد ، ولا نظير له ( وإن كانت رباعية غير مقصورة صلى بكل طائفة ركعتين ، وأتمت الأولى ) بعد مفارقة الإمام ( بالحمد لله ) وحدها ( في كل ركعة ) لأنها آخر صلاتها ( و ) تقوم ( الأخرى ) إذا تشهدت معه الأول ( تتم بالحمد لله ، وسورة ) لأنها أول صلاتها ولا تستفتح إذا قامت للقضاء ، ويسلم بهم ، وإن قلنا : ما يقضيه المسبوق آخر صلاته فلا استفتاح ، ولا يقرأ السورة ( وهل تفارقه في التشهد أو في الثالثة ، على وجهين ) إحداهما : تفارقه إذا فرغ من التشهد ، قدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " ، وغيره ، وينتظر الثانية جالسا يكرره ، فإذا أتت قام ليدرك جميع الركعة الثالثة ، ولأن الجلوس أخف على الإمام ; لأنه متى انتظرهم قائما احتاج إلى قراءة السورة ، وفي الثالثة خلاف السنة ، وقال أبو المعالي : تحرم معه ، ثم ينهض بهم ، والثاني : يفارقونه حين قيامه إلى الثالثة ; لأنه يحتاج إلى التطويل من أجل الانتظار ، والتشهد يستحب تخفيفه ، ولأن ثواب القائم أكثر ، قال في " الشرح " : وكلاهما جائز ، ويصح بطائفة ركعة ، وبأخرى ثلاثا ، ويكون تاركا للأفضل ، قاله ابن تميم .
[ ص: 132 ] ( وإن فرقهم أربعا فصلى بكل طائفة ركعة ) أو فرقهم ثلاث فرق فصلى بالأولى ركعتين ، وبالباقيتين ركعة ركعة ، أو صلى بكل فرقة ركعة في المغرب ( صحت صلاة الأوليين ) فقط ، ذكره السامري ، وصاحب " التلخيص " ، و " الوجيز " ، وقدمه في " الفروع " لأنهما ائتما بمن صلاته صحيحة ، ولمفارقتها قبل الانتظار الثالث ; وهو المبطل ; لأنه لم يرد ( وبطلت صلاة الإمام ) لأنه زاد انتظارا ثالثا لم يرد الشرع به ، فوجب بطلانها ، أشبه ما لو فعله من غير خوف ، وسواء كان هذا التفريق لحاجة أو غيرها ، قاله ابن عقيل ; لأنه يمكنهم صلاة شدة الخوف ( والأخريين إن علمتا بطلان صلاته ) لأنهما ائتما بمن صلاته باطلة ، أشبه ما لو كانت باطلة من أولها ، وظاهره أنهما إذا جهلتا بطلان صلاة الإمام أنها تصح ; لأنه مما يخفى ، وكما لو ائتم بمحدث لا يعلم حدثه ، ويجوز خفاؤه على الإمام أيضا قاله في " الشرح " ، و " الوجيز " ، وفيه تبطل صلاة الثالثة والرابعة مطلقا ; لأن الإمام والمأموم يعلمان وجود المبطل ، وإنما خفي عليهم حكمه ، فلم يمنع ذلك البطلان ، كما لو علم حدث الإمام ، ولم يعلم كونه مبطلا ، وقيل : إن كان لحاجة صحت صلاة الجميع ، قال ابن تميم : وهو أقيس ، فعلى هذا تفارقه الأولتان بعد القيام ، وتفارقه الثالثة ، وتقوم الرابعة عقب رفعه من السجود ، وإن كان لغير حاجة صحت صلاة الأولى فقط وبطلت صلاة الإمام وباقي الطوائف ، وقيل : تبطل صلاة الكل لنيته صلاة محرمة ابتداء ، وقيل : تصح صلاة الإمام فقط ، جزم به في الخلاف ; لأن صلاة المأمومين إنما فسدت لانصرافهم [ ص: 133 ] في غير وقت الانصراف ، قال في " الفروع " : ويتوجه احتمال : تبطل صلاة الأولى والثالثة لانصرافهما محله .
( الوجه الرابع : أن يصلي بكل طائفة صلاة ، ويسلم بها ) رواه أحمد ، وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن جابر مرفوعا ، وذكر جماعة أن هذه الصفة حسنة قليلة الكلفة لا يحتاج فيها إلى مفارقة الإمام ، ولا إلى تعريف كيفية الصلاة ، وبناه القاضي على اقتداء المفترض بالمنتفل ، ونصه التفرقة .
وتأوله القاضي على أنه عليه السلام صلى بهم كصلاة الحضر ، وأن كل طائفة قضت ركعتين ; وهو تأويل فاسد لمخالفة صفة الرواية ، وقول أحمد ، ومنعه في " المحرر " لاحتمال سلامه ، فتكون الصفة قبلها .
تتميم : وهو الوجه السادس ، ولم يذكره المؤلف هنا ; وهو لو قصرها ، وصلى بكل طائفة ركعة بلا قضاء ، كصلاته عليه السلام في خبر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وحذيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ، صح في ظاهر كلامهم ، واختاره المؤلف ، وقدمه في " الرعاية " ، و " الفروع " ، و " مجمع البحرين " ، وغيرهم ، والمذهب خلافه ، وعليه الأكثر ، قال في " الشرح " : الذين قالوا : ركعة إنما هو عند شدة القتال ، والذين روينا عنهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أكثرهم لم ينقصوا من ركعتين ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس لم يعلم ذلك لصغر سنه ، فالأخذ برواية من حضرها وصلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم أولى .
زيادة : إذا صلى بهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عام نجد ، على ما خرجه أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ; وهي أن تقوم معه طائفة ، وأخرى تجاه العدو ، وظهرها إلى القبلة ، ثم يحرم ويحرم معه الطائفتان ، ثم يصلي ركعة هو والتي معه ، ثم يقوم إلى الثانية [ ص: 135 ] ويذهب الذين معه إلى وجه العدو ، وتأتي الأخرى فتركع وتسجد ، ثم يصلي بالثانية ويجلس ، وتأتي التي تجاه العدو فتركع وتسجد ويسلم بالجميع ، جاز .
( ويستحب أن يحمل معه في الصلاة ما يدفع به عن نفسه ، ولا يثقله كالسيف والسكين ) ذكره معظم الأصحاب ; لقوله تعالى وليأخذوا أسلحتهم [ النساء : 102 ] وقوله ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم [ النساء : 102 ] فدل على الجناح عند عدم ذلك ، ولأنه لو وجب لكان شرطا كالسترة ، وقال ابن منجا : وهو خلاف الإجماع ، ولأن حمله يراد لحراسة أو قتال ، والمصلي لا يتصف بواحدة منها ، والأمر به للرفق بهم والصيانة لهم ، فلم يكن للإيجاب ، كما أن النهي عن الوصال لما كان للرفق لم يكن للتحريم ، وذكره الشريف ، وابن عقيل بأن حمله في غير الصلاة محظور ، فالأمر به هنا أمر بعد حظر ; وهو للإباحة مع قولهم : يستحب ، وظاهره أنه يكره حمل ما يثقله كالجوشن وما يمنع من إكمالها كالمغفر ، وما يضر غيره كالرمح ، هذا إذا كان متوسطا ، فإن كان في حاشية لم يكره ، قاله جماعة ، وإن احتاج إلى ذلك فلا كراهة ( ويحتمل أن يجب ذلك ) أي : حمل الخف من سلاح يقيه ، واختاره ، وقاله جماعة ، وقاله داود ، وفي " الشرح " ; وهو أظهر ; لأن الأمر للوجوب ، وليس بشرط وفاقا ، قال في " الفروع " : ويتوجه احتمال ، لكن إن كان بهم من مطر أو مرض ، فلا يجب بغير خلاف .
فرع : يجوز حمل سلاح نجس في هذه الحال للحاجة بلا إعادة على المشهور .