صفحة جزء
فإذا سلم خطب خطبتين يجلس بينهما ، يستفتح الأولى بتسع تكبيرات ، والثانية بسبع . يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ، ويبين لهم ما يخرجون ، ويرغبهم في الأضحية في الأضحى ، ويبين لهم حكم الأضحية ، والتكبيرات الزوائد ، والذكر بينهما ، والخطبتان سنة .


( فإذا سلم ) يحتمل أنه أراد السلام من الصلاة ; وهو أظهر ، ويحتمل أن يراد به السلام المعروف ، وجزم به في النصيحة فقال : إذا استقبلهم سلم ، وأومأ بيده [ ص: 187 ] ( خطب خطبتين ) بعد الصلاة كخطبتي الجمعة ، فلو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها في قول جمهور العلماء ، وهما كالجمعة في أحكامها على الأصح ، حتى في الكلام ، نص عليه ، إلا التكبير مع الخاطب ، واستثنى جماعة الطهارة ، واتحاد الإمام ، والقيام ، والجلسة ، والعدد لكونهما سنة لا شرطا للصلاة في الأصح ، فأشبها الذكر بعد الصلاة والأذان ( يجلس بينهما ) لما روى جابر قال : خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ، ثم قعد قعدة ثم قام رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم البصري ; وهو متروك ، وعن عبيد الله بن عتبة قال : السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين ، يفصل بينهما بجلوس . رواه الشافعي من رواية إبراهيم بن يحيى ، وفيه كلام ، وهل يجلس عقيب صعوده إلى المنبر ليستريح ، كما هو الأظهر ، والمنصوص عن أحمد والشافعي في " الأم " أو لا ; لأن الجلوس في الجمعة لموضع الأذان ، فيه وجهان ، ويسن أن ( يستفتح الأولى بتسع تكبيرات ، والثانية بسبع ) لما روى سعيد عن عبيد الله بن عتبة قال : يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات ، وفي الثانية سبع تكبيرات ، والتكبير في الأولى نسقا وفاقا ، وظاهر كلامه جالسا ، وقيل : قائما كسائر أذكار الخطبة ، وظاهره : أنه يبدأ بالتكبير في الثانية كالأولى ، وعنه : بعد فراغها ، اختاره القاضي ، قال أحمد : قال عبيد الله بن عتبة : إنه من السنة ، وقيل : التكبيرات شرط ، واختار الشيخ تقي الدين أنه يفتتحها بالحمد ; لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 188 ] أنه افتتح خطبة بغيره ( يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ) لقوله ـ عليه السلام ـ اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم ( ويبين لهم ما يخرجون ) أي من جنسها ، وقدرها ، ووجوبها ، ووقتها ( ويرغبهم في الأضحية ) لقوله ـ عليه السلام ـ لفاطمة : قومي إلى أضحيتك فاشهديها ، فإن لك بأول قطرة من دمها أن يغفر لك ما قد سلف من ذنوبك وعن زيد بن أرقم قال أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا رسول الله ، ما هذه الأضاحي ؛ قال : سنة أبيكم إبراهيم قالوا : فما لنا ؛ قال : بكل شعرة حسنة قالوا : والصوف قال : بكل شعرة حسنة قال الحاكم : صحيح الإسناد ( ويبين لهم حكم الأضحية ) لأنه ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر في خطبة الأضحى كثيرا من أحكامها من رواية أبي سعيد ، والبراء ، وجابر ، وغيرهم ( والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما ) سنة في الأشهر ; لأنه ذكر مشروع بين التحريمة والقراءة ، أشبه الاستفتاح ، فعلى هذا إن نسيه فلا سجود للسهو في الأصح ، وعنه : شرط للصلاة ، وفي " الروضة " إن نسي التكبيرات الزوائد أتم ، ولم تبطل ، وساهيا لا يلزمه سجود ، لأنها هيئة ، وفيه نظر .

( والخطبتان سنة ) لما روى عطاء عن عبد الله بن السائب قال : شهدت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ العيد ، فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب رواه ابن ماجه ، وإسناده ثقات ، وأبو داود والنسائي ، وقالا : مرسل ، ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها كخطبة الجمعة ، وذكر القاضي ، وابن عقيل : أنهما شرط .

[ ص: 189 ] فائدة : السنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة ، وأن ينفردن بموعظة إذا لم يسمعن خطبة الرجال ، وفي " نهاية " أبي المعالي : إذا فرغ فرأى قوما لم يسمعوها استحب إعادة مقاصدها لهم لفعله ـ عليه السلام ـ فدل على استحبابه في حق النساء ، والمراد مع عدم خوف فتنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية