وهم ثمانية أصناف : الفقراء : وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم . الثاني : المساكين ، وهم الذين يجدون معظم الكفاية .
ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته ، فليس بغني وإن كثرت قيمته ، وإن كان من الأثمان ، فكذلك في إحدى الروايتين ، والأخرى : إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني .
وأهلها هم الذين جعلهم الشرع محلا لدفعها إليهم ، ( وهم ثمانية أصناف ) الذين سماهم الله تعالى في قوله : إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية [ التوبة : 60 ] قال أحمد : إنما هي لمن سمى الله ، قال الأصحاب : إنما تفيد الحصر ، أي : تثبت المذكور ، وتنفي ما عداه ؛ لقوله تعالى : إنما الله إله واحد [ النساء : 171 ] قال في " منتهى الغاية " : وكذلك تعريف الصدقات - بالألف واللام - فلو صار صرف شيء منها إلى غير الثمانية لكان لهم بعضها لا كلها ، وهذا إجماع . ( الفقراء ) بدأ بهم اتباعا للنص ، ولشدة حاجتهم ، وهم غير المساكين ؛ لأنهما إذا اجتمعا افترقا ، وبالعكس ( وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم ) فالفقير الذي لا يجد شيئا أصلا ، أو لا يجد نصف كفايته ، كدرهمين من عشرة ، ومثله الخرقي وتبعه في " الشرح " بالزمن والأعمى ؛ لأنهما غالبا لا قدرة لهما على اكتساب ما يقع موقعا من كفايتهم ، أو لا قدرة لهما على شيء بالكلية ؛ لقوله تعالى : للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله [ البقرة : 273 ] الثاني : المساكين ، وهم الذين يجدون معظم الكفاية أو نصفها ؛ لقوله تعالى : فكانت لمساكين يعملون في البحر [ الكهف : 79 ] فسماهم مساكين ، ولهم سفينة ، وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسكنة ، واستعاذ من الفقر فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339399اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في زمرة المساكين " رواه الترمذي ، ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ، ويستعيذ من حالة أصلح منها . فدل على أن [ ص: 416 ] المسكين أحسن حالا من الفقير لكونه يجد ما ذكرنا ، وعنه : أنه فقير ، والأول مسكين ، وأن المسكين أشد حاجة من الفقير ، وقاله الفراء ، وابن قتيبة ، وثعلب من أصحابنا ؛ لقوله تعالى : أو مسكينا ذا متربة [ البلد : 16 ] وهو المطروح على التراب لشدة حاجته .
وأجيب بأنه يجوز التعبير عن الفقير بالمسكين مطلقا ، وأن هذا النعت لا يستحقه بإطلاق اسم المسكنة ( ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني ، وإن كثرت قيمته ) لقوله - عليه السلام - في حديث قبيصة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339400فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش " رواه مسلم ، والسداد : الكفاية ، ولا فرق في ذلك بين ما لا تجب الزكاة فيه كالعقار ونحوه ، قال أحمد في رواية محمد بن الحكم : إذا كان له عقار يستغله أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تقيمه يعني لا تكفيه ، يأخذ من الزكاة ، وهو فقير يعطى من الصدقة ؛ قال : نعم ، وبين ما تجب فيه كالمواشي والحبوب . نقل الميموني عن أحمد : فقلت : الرجل تكون عنده الإبل والغنم تجب فيه الزكاة ، وهو فقير يعطى من الصدقة ؛ قال : نعم ، ولأنه يملك ما لا يغنيه ، ولا يقدر على كسب ما يكفيه ، فجاز له الأخذ منها كغيره ، ويأخذ تمام كفايته سنة ، وعنه : يأخذ نماءها دائما بمتجر وآلة صنعة ، ولا يأخذ ما يصير به غنيا ، وظاهره أنه إذا كان يقوم بكفايته كمن له مكسب أو أجرة عقار ، أو غيره ، فإنه غني ، ويمنع من أخذها ( وإن كان من الأثمان ) وهو لا يقوم بكفايته ، قال في " الوجيز " : وكفاية عياله ( فكذلك في إحدى الروايتين ) نقله مهنا ؛ وهو المذهب ؛ لأنه - عليه السلام - جعل عدم [ ص: 417 ] الكفاية غاية حل المسألة ، ولم يوجد ( والأخرى إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني ) نقلها واختارها الأكثر ، لما روىnindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339401من سأل ، وله ما يغنيه ، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو كدوشا في وجهه ، قالوا : يا رسول الله ، وما غناه ؛ قال : خمسون درهما أو حسابها من الذهب " رواه الخمسة ، وأجيب بضعف الخبر ، فإنه يرويه حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عنه ، وشعبة لا يروي عن حكيم مع أنه قد ضعفه جماعة ، ولو سلم ، فهو محمول على المسألة ، فتحرم المسألة ، ولا يحرم الأخذ ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ، وحمله المجد على أنه - عليه السلام - قاله في وقت كانت الكفاية الغالبة فيه بخمسين ، ولذلك جاء التقدير عنه بأربعين ، وبخمس أواق ؛ وهي مائتان ، ويعتبر الذهب بقيمة الوقت ؛ لأن الشرع لم يحده ، وظاهره أنه ليس المانع من أخذها ملكه نصابا أو قيمته فاضلا عما يحتاجه فقط ، أو ملكه كفايته .
فرع : عياله مثله ، فيأخذ لكل واحد منهم خمسين أو قدر كفايته على الخلاف .