ويستحب صرفها في الأصناف كلها ، وإن اقتصر على إنسان واحد أجزأه ، وعنه : لا يجزئه إلا ثلاثة من كل صنف إلا العامل ، فإنه يجوز أن يكون واحدا ، ويستحب صرفها إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم ، ويفرقها فيهم على قدر حاجتهم ، ويجوز دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه .
وعنه : يجب الاستيعاب ، اختاره أبو بكر ، وأبو الخطاب ؛ لأن الله تعالى أضافها إليهم بلام التمليك ، وشرك بينهم ، فلم يجز الاقتصار على بعضهم إلا لضرورة كأهل الخمس ، وعليها : لا يجب التسوية بين الأصناف كالصنف الواحد ، وكالوصية للفقراء بخلاف المعين ، فعلى هذه ( لا يجزئه أقل من ثلاثة من كل صنف ) ، لأنهم أقل الجمع ، فعلى هذا إن دفع إلى اثنين ضمن نصيب الثالث ، وهل يضمنه بالثلث ؛ لأنه القدر المستحب أو بأقل جزء منه ؛ لأنه المجزئ ، فيه وجهان ، كالأضحية إذا أكلها ، وعنه : يجزئ واحد ، اختاره في " الانتصار " ، وصاحب " المحرر " ؛ لأنه لما تعذر الاستغراق حمل على الجنس ، كقوله : لا تزوجت النساء ( إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا ) وفاقا ، مع أنه ذكر بلفظ الجمع ؛ لأن ما يأخذه أجرة ، ويسقط سهمه إن فرقها رب المال بنفسه ، فتبقى سبعة .
فرع : من كان فيه سببان أخذ بهما على الروايتين كالميراث ، ولا يجوز أن يعطى بأحدهما لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار ، وإن أعطي بهما ، وعين لكل سبب قدر ، وإلا كان بينهما نصفين ، وتظهر فائدته لو وجد ما يوجب الرد .
[ ص: 432 ] ( ويستحب ) للمالك ( صرفها إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم ) لقوله - عليه السلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339410صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة " رواه الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ولأنه لا يرثه بفرض أو تعصيب ، ولا تلزمه نفقته ، وإذا أحضر رب المال إلى العامل من أهله من لا تلزمه نفقته ليدفع إليهم زكاته ، دفعها قبل خلطها بغيرها ، وبعده هم كغيرهم ، ولا يخرجهم منها ؛ لأن فيها ما هم به أخص ، ذكره القاضي ، ( ويفرقها فيهم على قدر حاجتهم ) ؛ لأنها مراعاة ، ويقدم الأقرب والأحوج ، فإن كان الأجنبي أحوج أعطي الكل ، ولم يحاب بها قريبه ، والجار أولى من غيره ، والقريب أولى منه ، نص عليه ، والعالم والدين يقدمان على ضدهما .
( ويجوز دفع زكاته إلى مكاتبه ) نص عليه ؛ لأنه معه كالأجنبي من حرمان أكثر ما بينهما ، ولأن الدفع تمليك ؛ وهو من أهله ، فإذا رده إلى سيده بحكم الوفاء جاز كوفاء الغريم ، وقيده في " الوجيز " وغيره بأن لا يكون حيلة ، ونقل حنبل عن أحمد أنه قال : قال سفيان : لا تعط مكاتبا لك من الزكاة ، وأنا أرى مثله ، واختاره القاضي ، قال المجد : وهو أقيس ؛ لأن تعلق حقه بماله أشد من تعلق حق الوالد بمال الولد ، ( وإلى غريمه ) ؛ لأنه من جملة الغارمين ، وسواء دفعها إليه ابتداء أو استوفى حقه ، ثم دفع إليه ليقضي به دين المقرض ، نص عليه ذلك ، وقال : إن كان حيلة فلا يعجبني ، ونقل عنه ابن القاسم : إن أراد الحيلة لم يصح ولا يجوز ، وبه جزم في " الوجيز " وذكر القاضي وغيره أن المراد بالحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من ذمته فلا يجزئه ؛ لأن من شرطها تمليكا صحيحا ؛ وهو منتف مع الشرط ، وفي " المغني " ، و " الشرح " أنه حصل من كلام أحمد إذا قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه [ ص: 433 ] لم يجز ؛ لأن الزكاة حق الله ، فلا يجوز صرفها إلى نفعه .