ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد لا نعلم فيه خلافا لقوله - تعالى - ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد [ البقرة : 187 ] ، فلو صح في غيرها لم يختص بتحريم المباشرة إذ هي محرمة في الاعتكاف مطلقا ، ولأنه nindex.php?page=hadith&LINKID=10339518كان - عليه السلام - يدخل رأسه إلى عائشة ، وهو معتكف فترجله متفق عليه ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة ( يجمع فيه ) أي : تقام فيه صلاة الجماعة ، ولو من معتكفين حذارا إما من ترك الجماعة الواجبة أو تكرر الخروج المنافي له مع إمكان التحرز منه فإذا قيل : بأنها سنة فلا ، ويستثنى منه المعذور والصبي ، ومن هو في قرية لا يصلي فيها غيره ، ومن اعتكافه في وقت الصلاة ، ويحتمل أن لا يسقط عن المعذور ; لأنه من أهل الجماعة ، وقد التزمه ( إلا المرأة لها الاعتكاف في كل مسجد ) [ ص: 68 ] للآية ، والجماعة لا تلزمها ، وفي " الانتصار " : في مسجد تقام فيه الجماعة ، وهي ظاهر رواية ابن منصور والخرقي ، لما روى حرب بإسناد جيد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد بيتها فقال : بدعة ، وأبغض الأعمال إلى الله البدع فلا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة ( إلا مسجد بيتها ) وهو ما اتخذته لصلاتها ، ولو جاز لفعلته أمهات المؤمنين ، ولو مرة تبيينا للجواز ، وهذا ليس بمسجد حقيقة ولا حكما . وظاهر " المحرر " صحته فيه قال : وإنما كره في مسجد الجماعة حيث لم يحتفظ بخباء نقل أبو داود : يعتكفن في المساجد ، ويضربن لهن فيها الخيم .
قلت : ولا بأس أن يستتر الرجل كهي ، ذكره في " المغني " و " الشرح " ; لأنه أخفى لعمله ، ونقل ابن إبراهيم لا إلا لبرد شديد .
مسألة : رحبة المسجد ليست منه في رواية ، وهي ظاهر الخرقي ، وعنه : بلى جزم به جماعة منهم القاضي كظهره ، وجمع بينهما في موضع فقال : إن كان عليها حائط وباب فهي منه وإلا فلا ، ومنارته إن كانت فيه أو بابها فيه فهي منه بدليل منع الجنب ، وإن كانت خارجة عنه ، قال بعضهم : وهي قريبة فخرج للأذان بطل اعتكافه ، واختار ابن البنا والمجد خلافه .
( والأفضل الاعتكاف في الجامع إذا كانت الجمعة تتخلله ) لئلا يحتاج إلى الخروج إليها فيترك الاعتكاف ، ومع إمكان التحرز منه فكأنه استثنى الجمعة ، ولا يلزم ذلك ، وقاله أكثر العلماء ، ولأنه لما لا بد منه بلفظه ، ولا يتكرر بخلاف الجماعة ، وفي " الانتصار " وجه يلزم فإن اعتكف في غيره [ ص: 69 ] بطل بخروجه إليها ; لأنه أمكنه التحرز منه لكن إن عين بنذره المسجد الجامع تعين موضع الجمعة ، فلو اعتكف فيما تقام فيه الجمعة فقط لم يصح إن وجبت الجماعة . وظاهره أن الجمعة إذا لم يتخلل اعتكافه لم يكن الجامع أفضل من غيره ; لأنه لا يحتاج إلى الخروج ، ولو اعتكف من لا تلزمه الجمعة في مسجد لا يصلى فيه بطل خروجه إليها إلا أن يشترطه كعيادة المريض .
( ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعله في غيره ) ; لأن الله - تعالى - لم يعين لعبادته موضعا فلم يتعين بالنذر ، ويبطل ببقاع الحج ، وفيه نظر ، ولو تعين احتاج إلى شد رحل ذكره الأصحاب ، ولعل مرادهم إلا مسجد قباء ; لأنه - عليه السلام - كان يأتيه كل سبت راكبا أو ماشيا يصلي فيه ركعتين ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يفعله متفق عليه فإن لم يحتج إلى شد رحال فظاهر " الانتصار " و " المغني " و " الشرح " : يلزم ، وذكر أبو الحسين احتمالا في تعيين المسجد العتيق للصلاة ; لأنه أفضل قال المجد : ونذر الاعتكاف مثله فعلى المذهب يعتكف في غير المسجد الذي عينه . وظاهره لا كفارة ، وجزم به في " الشرح " . وظاهر كلام جماعة يصلي في غير مسجد ، وإن أراد الذهاب إلى ما عينه ، واحتاج إلى شد رحل فجزم بعضهم بإباحته ، واختاره المؤلف في القصر ، ومنع منه ابن عقيل ، والشيخ تقي الدين ، وخيره القاضي وغيره ، وأما ما لم يحتج إلى شد رحل فالمذهب : يخير ، وفي " الواضح " : الأفضل الوفاء قال في " الفروع " : وهذا أظهر .