الجملة الثالثة من كتاب الصلاة
أركان الصلاة
وهي معرفة ما تشتمل عليه من الأقوال ، والأفعال ، وهي الأركان
[ ص: 104 ] والصلوات المفروضة تختلف في هذين بالزيادة والنقصان ، إما من قبل الانفراد والجماعة ، وإما من قبل الزمان ( مثل مخالفة ظهر الجمعة لظهر سائر الأيام ) وإما من قبل الحضر ، والسفر ، وإما من قبل الأمن ، والخوف ، وإما من قبل الصحة والمرض ، فإذا أريد أن يكون القول في هذه صناعيا ، وجاريا على نظام فيجب أن يقال أولا فيما تشترك فيه هذه كلها ، ثم يقال فيما يخص واحدة واحدة منها ، أو يقال في واحدة واحدة منها وهو الأسهل ، وإن كان هذا النوع من التعليم يعرض منه تكرار ما ، وهو الذي سلكه الفقهاء ، ونحن نتبعهم في ذلك ، فنجعل هذه الجملة منقسمة إلى ستة أبواب .
الباب الأول : في صلاة المنفرد الحاضر الآمن الصحيح . الباب الثاني : في صلاة الجماعة : ( أعني : في أحكام الإمام والمأموم في الصلاة ) . الباب الثالث : في صلاة الجمعة . الباب الرابع : في صلاة السفر . الباب الخامس : في صلاة الخوف . الباب السادس : في صلاة المريض . الباب الأول
في صلاة المنفرد الحاضر الآمن الصحيح .
وهذا الباب فيه فصلان : الفصل الأول : في أقوال الصلاة . والفصل الثاني : في أفعال الصلاة . الفصل الأول
في أقوال الصلاة
وفي هذا الفصل من قواعد المسائل تسع مسائل :
المسألة الأولى
[ التكبير ]
اختلف العلماء في
التكبير على ثلاثة مذاهب : فقوم قالوا : إن التكبير كله واجب في الصلاة .
وقوم قالوا : إنه كله ليس بواجب وهو شاذ .
وقوم أوجبوا تكبيرة الإحرام فقط ، وهم الجمهور .
وسبب اختلاف من أوجبه كله ومن أوجب منه تكبيرة الإحرام فقط : معارضة ما نقل من قوله لما نقل من فعله - عليه الصلاة والسلام - فأما ما نقل من قوله فحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المشهور أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال للرجل الذي علمه الصلاة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005806إذا أردت الصلاة ، فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة ، ثم كبر ، ثم اقرأ " فمفهوم هذا هو أن التكبيرة الأولى هي الفرض فقط ، ولو كان ما عدا ذلك من التكبير فرضا لذكره له كما ذكر سائر فروض الصلاة .
[ ص: 105 ] وأما ما نقل من فعله ، فمنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005807كان يصلي ، فيكبر كلما خفض ، ورفع ، ثم يقول : إني لأشبهكم صلاة بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن عبد الله بن الشخير قال : " صليت أنا
nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن الحصين خلف
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فكان إذا سجد كبر ، وإذا رفع رأسه من الركوع كبر ، فلما قضى صلاته ، وانصرفنا أخذ
عمران بيده ، فقال : أذكرني هذا صلاة
محمد - صلى الله عليه وسلم - " فالقائلون بإيجابه تمسكوا بهذا العمل المنقول في هذه الأحاديث وقالوا : الأصل أن تكون كل أفعاله التي أتت بيانا لواجب ، محمولة على الوجوب كما قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005775صلوا كما رأيتموني أصلي " و "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005808خذوا عني مناسككم " وقالت الفرقة الأولى : ما في هذه الآثار يدل على أن العمل عند الصحابة إنما كان على إتمام التكبير ولذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005809إني لأشبهكم صلاة بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال
عمران : أذكرني هذا بصلاته صلاة
محمد - صلى الله عليه وسلم - وأما من جعل التكبير كله نفلا فضعيف ، ولعله قاسه على سائر الأذكار التي في الصلاة مما ليست بواجب ، إذ قاس تكبيرة الإحرام على سائر التكبيرات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر : ومما يؤيد مذهب الجمهور ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بن الحجاج عن
الحسن بن عمران عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال :
صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يتم التكبير ، وصليت مع
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، فلم يتم التكبير ، وما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن
عمر - رضي الله عنه - أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده ، وكأن هؤلاء رأوا أن التكبير إنما هو لمكان إشعار الإمام للمأمومين بقيامه وقعوده ، ويشبه أن يكون إلى هذا ذهب من رآه نفلا .