الجملة الثالثة
[ في معرفة كم تجب ، ومن كم تجب ؟ ]
وأما معرفة النصاب في واحد واحد من هذه الأموال المزكاة ، وهو المقدار الذي فيه تجب الزكاة فيما له منها نصاب ، ومعرفة الواجب من ذلك - أعني : في عينه وقدره - : فإنا نذكر من ذلك ما اتفقوا عليه واختلفوا فيه في جنس جنس من هذه الأجناس المتفق عليها والمختلف فيها عند الذين اتفقوا عليه ، ولنجعل الكلام في ذلك في فصول :
الفصل الأول : في الذهب والفضة .
الثاني : في الإبل .
الثالث : في الغنم .
الرابع : في البقر .
الخامس : في النبات .
السادس : في العروض .
الفصل الأول
في الذهب والفضة
أما
المقدار الذي تجب فيه الزكاة من الفضة ، فإنهم اتفقوا على أنه خمس أواق لقوله - عليه الصلاة والسلام - الثابت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006133ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " ما عدا المعدن من الفضة ، فإنهم اختلفوا في اشتراط النصاب منه ، وفي المقدار الواجب فيه . والأوقية عندهم أربعون درهما كيلا .
وأما القدر الواجب فيه : فإنهم اتفقوا على أن الواجب في ذلك هو ربع العشر - أعني : في الفضة والذهب معا - ما لم يكونا خرجا من معدن .
واختلفوا من هذا الباب في مواضع خمسة :
أحدها : في نصاب الذهب .
والثاني : هل فيهما أوقاص أم لا ؟ - أعني : هل فوق النصاب قدر لا تزيد الزكاة بزيادته ؟ - .
والثالث : هل يضم بعضها إلى بعض في الزكاة فيعدان كصنف واحد ؟ - أعني : عند إقامة النصاب - ، أم هما صنفان مختلفان ؟ .
والرابع : هل من شرط النصاب أن يكون المالك واحدا لا اثنين ؟ .
الخامس : في اعتبار نصاب المعدن وحوله وقدر الواجب فيه .
[ ص: 214 ] [ المسألة الأولى ]
[ في نصاب الذهب ]
وأما المسألة الأولى - وهي اختلافهم في
نصاب الذهب - : فإن أكثر العلماء على أن الزكاة تجب في عشرين دينارا وزنا كما تجب في مائتي درهم ، هذا مذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم
وأحمد وجماعة فقهاء الأمصار .
وقالت طائفة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن البصري وأكثر أصحاب
داود بن علي : ليس في الذهب شيء حتى يبلغ أربعين دينارا ، ففيها ربع عشرها دينار واحد .
وقالت طائفة ثالثة : ليس في الذهب زكاة حتى يبلغ صرفها مائتي درهم أو قيمتها ، فإذا بلغت ففيها ربع عشرها ، كان وزن ذلك من الذهب عشرين دينارا أو أقل أو أكثر ، هذا فيما كان منها دون الأربعين دينارا ، فإذا بلغت أربعين دينارا كان الاعتبار بها لنفسه لا بالدراهم لا صرفا ولا قيمة .
وسبب اختلافهم في نصاب الذهب : أنه لم يثبت في ذلك شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت ذلك في نصاب الفضة ، وما روي عن
الحسن بن عمارة من حديث علي أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : "
هاتوا زكاة الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار " . فليس عند الأكثر مما يجب العمل به لانفراد
الحسن بن عمارة به ، فمن لم يصح عنده هذا الحديث اعتمد في ذلك على الإجماع ، وهو اتفاقهم على وجوبها في الأربعين .
وأما مالك فاعتمد في ذلك على العمل ، ولذلك قال في الموطإ : السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين دينارا كما تجب في مائتي درهم .
وأما الذين جعلوا الزكاة فيما دون الأربعين تبعا للدراهم ، فإنه لما كانا عندهم من جنس واحد جعلوا الفضة هي الأصل ، إذ كان النص قد ثبت فيها ، وجعلوا الذهب تابعا لها في القيمة لا في الوزن ، وذلك فيما دون موضع الإجماع ، ولما قيل أيضا : إن الرقة اسم يتناول الذهب والفضة ، وجاء في بعض الآثار : "
ليس فيها دون خمس أواق من الرقة صدقة "