صفحة جزء
الفصل الثالث

مماذا تجب ؟

وأما مماذا تجب ؟ فإن قوما ذهبوا إلى أنها تجب إما من البر أو من التمر أو من الشعير أو من الأقط ، وأن ذلك على التخيير للذي تجب عليه ، وقوم ذهبوا إلى أن الواجب عليه هو غالب قوت البلد ، أو قوت المكلف إذا لم يقدر على قوت البلد ، وهو الذي حكاه عبد الوهاب عن المذهب .

والسبب في اختلافهم : اختلافهم في مفهوم حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : " كنا نخرج زكاة الفطر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من تمر " . فمن فهم من هذا الحديث التخيير قال أيا أخرج من هذا أجزأ عنه ، ومن فهم منه أن اختلاف المخرج ليس سببه الإباحة ، وإنما سببه اعتبار قوت المخرج أو قوت غالب البلد قال بالقول الثاني .

وأما كم يجب ؟ فإن العلماء اتفقوا على أنه لا يؤدى في زكاة الفطر من التمر والشعير أقل من صاع لثبوت ذلك في حديث ابن عمر .

واختلفوا في قدر ما يؤدى من القمح ، فقال مالك والشافعي : لا يجزئ منه أقل من صاع ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : يجزئ من البر نصف صاع .

والسبب في اختلافهم : تعارض الآثار ، وذلك أنه جاء في حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : " كنا نخرج زكاة الفطر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من زبيب " . وظاهره أنه أراد بالطعام القمح .

وروى الزهري أيضا عن أبي سعيد عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " في صدقة الفطر صاعا من بر بين اثنين ، أو صاعا من شعير ، أو تمر عن كل واحد " خرجه أبو داود . وروي عن ابن المسيب أنه قال : " كانت صدقة الفطر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصف صاع من حنطة ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر " .

فمن أخذ بهذه الأحاديث قال : نصف صاع من البر ، ومن أخذ بظاهر حديث أبي سعيد وقاس البر في ذلك على الشعير سوى بينهما في الوجوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية