صفحة جزء
[ القول في فوات الحج ]

وأما الفساد بفوات الوقت - وهو أن يفوته الوقوف بعرفة يوم عرفة - : فإن العلماء أجمعوا أن من هذه [ ص: 306 ] صفته لا يخرج من إحرامه إلا بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة - أعني : أنه يحل ولا بد بعمرة - ، وأن عليه حج قابل .

واختلفوا هل عليه هدي أم لا ؟ فقال مالك والشافعي وأحمد والثوري وأبو ثور : عليه الهدي . وعمدتهم : إجماعهم على أن من حبسه مرض حتى فاته الحج أن عليه الهدي .

وقال أبو حنيفة : يتحلل بعمرة ، ويحج من قابل ، ولا هدي عليه . وحجة الكوفيين : أن الأصل في الهدي إنما هو بدل من القضاء ، فإذا كان القضاء فلا هدي إلا ما خصصه الإجماع .

واختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة فيمن فاته الحج وكان قارنا هل يقضي حجا مفردا أو مقرونا بعمرة ؟ فذهب مالك والشافعي إلى أنه يقضي قارنا لأنه إنما يقضي مثل الذي عليه . وقال أبو حنيفة : ليس عليه إلا الإفراد ; لأنه قد طاف لعمرته ، فليس يقضي إلا ما فاته .

وجمهور العلماء على أن من فاته الحج أنه لا يقيم على إحرامه ذلك إلى عام آخر ، وهذا هو الاختيار عند مالك ، إلا أنه أجاز ذلك ليسقط عنه الهدي ، ولا يحتاج أن يتحلل بعمرة .

وأصل اختلافهم في هذه المسألة : اختلافهم فيمن أحرم بالحج في غير أشهر الحج ، فمن لم يجعله محرما لم يجز للذي فاته الحج أن يبقى محرما إلى عام آخر ، ومن أجاز الإحرام في غير أيام الحج أجاز له البقاء محرما .

قال القاضي : فقد قلنا في الكفارات الواجبة بالنص في الحج . وفي صفة القضاء في الحج الفائت والفاسد ، وفي صفة إحلال من فاته الحج ، وقلنا قبل ذلك في الكفارات المنصوص عليها ، وما ألحق الفقهاء بذلك من كفارة المفسد حجه ، وبقي أن نقول في الكفارات التي اختلفوا فيها في ترك نسك نسك منها من مناسك الحج مما لم ينص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية