[ المسألة الثالثة ]
[ هل تنفع
النية الحادثة في الاستثناء بعد انقضاء اليمين ]
وأما المسألة الثانية : وهي هل تنفع النية الحادثة في الاستثناء بعد انقضاء اليمين ؟ فقيل أيضا في المذهب : إنها تنفع إذا حدثت متصلة باليمين . وقيل : بل إذا حدثت قبل أن يتم النطق باليمين . وقيل : بل الاستثناء على ضربين : استثناء من عدد ، واستثناء من عموم بتخصيص ; أو من مطلق بتقييد . فالاستثناء من العدد لا ينفع فيه إلا حدوث النية قبل النطق باليمين ، والاستثناء من العموم ينفع فيه حدوث النية بعد اليمين إذا وصل الاستثناء نطقا باليمين .
وسبب اختلافهم : هل الاستثناء مانع للعقد أو حال له ؟ فإن قلنا : إنه مانع فلا بد من اشتراط حدوث النية في أول اليمين . وإن قلنا إنه حال لم يلزم ذلك ، وقد أنكر عبد الوهاب أن يشترط حدوث النية في أول اليمين للاتفاق ، وزعم على أن الاستثناء حال لليمين كالكفارة سواء .
الفصل الثاني من القسم الأول في تعريف
الأيمان التي يؤثر فيها الاستثناء وغيرها .
- وقد اختلفوا في الأيمان التي يؤثر فيها استثناء مشيئة الله من التي لا يؤثر فيها . فقال
مالك وأصحابه : لا تؤثر المشيئة إلا في الأيمان التي تكفر ، وهي اليمين بالله عندهم ، أو النذر المطلق على ما سيأتي ، وأما الطلاق والعتاق فلا يخلو أن يعلق الاستثناء في ذلك بمجرد الطلاق أو العتق فقط ، مثل أن يقول : هي طالق إن شاء الله ، أو عتيق إن شاء الله ، وهذه ليست عندهم يمينا . وإما أن يعلق الطلاق بشرط من الشروط ، مثل أن يقول : إن كان كذا فهي طالق إن شاء الله ، أو إن كان كذا فهو عتيق إن شاء الله .
فأما القسم الأول : فلا خلاف في المذهب أن المشيئة غير مؤثرة فيه .
وأما القسم الثاني ( وهو اليمين بالطلاق ) : ففي المذهب فيه قولان : أصحهما أنه إذا صرف الاستثناء إلى
[ ص: 340 ] الشرط الذي علق به الطلاق صح ، وإن صرفه إلى نفس الطلاق لم يصح . وقال
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : الاستثناء يؤثر في ذلك كله ، سواء قرنه بالقول الذي مخرجه مخرج الشرط ، أو بالقول الذي مخرجه مخرج الخبر .
وسبب الخلاف : ما قلناه من أن الاستثناء هل هو حال أو مانع ؟
فإذا قلنا : مانع ; وقرن بلفظ مجرد الطلاق ; فلا تأثير له فيه ، إذ قد وقع الطلاق ( أعني : إذا قال الرجل لزوجته : هي طالق إن شاء الله ) ، لأن المانع إنما يقوم لما لم يقع ، وهو المستقبل .
وإن قلنا : إنه حال للعقود وجب أن يكون له تأثير في الطلاق ، وإن كان قد وقع ، فتأمل هذا فإنه بين .
ولا معنى لقول المالكية : إن الاستثناء في هذا مستحيل ، لأن الطلاق قد وقع ، إلا أن يعتقدوا أن الاستثناء هو مانع لا حال . فتأمل هذا فإنه ظاهر إن شاء الله .