المسألة الرابعة
[ هل ذكاة الجنين ذكاة أمه ؟ ] واختلفوا
هل تعمل ذكاة الأم في جنينها أم ليس تعمل فيه ; وإنما هو ميتة ( أعني : إذا خرج منها بعد ذبح الأم ) فذهب جمهور العلماء إلى أن ذكاة الأم ذكاة لجنينها ، وبه قال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال
أبو حنيفة : إن خرج حيا ذبح وأكل ، وإن خرج ميتا فهو ميتة .
[ ص: 364 ] والذين قالوا : إن ذكاة الأم ذكاة له ، بعضهم اشترط في ذلك تمام خلقته ونبات شعره ، وبه قال
مالك . وبعضهم لم يشترط ذلك ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في صحة الأثر المروي في ذلك من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري مع مخالفته للأصول ، وحديث
أبي سعيد هو : قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006389سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البقرة أو الناقة أو الشاة ينحرها أحدنا فنجد في بطنها جنينا أنأكله أو نلقيه ؟ فقال : كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه " . وخرج مثله
الترمذي ،
وأبو داود عن
جابر . واختلفوا في تصحيح هذا الأثر فلم يصححه بعضهم وصححه بعضهم ، وأحد من صححه
الترمذي .
وأما مخالفة الأصل في هذا الباب للأثر ، فهو أن الجنين إذا كان حيا ثم مات بموت أمه فإنما يموت خنقا ، فهو من المنخنقة التي ورد النص بتحريمها ، وإلى تحريمه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم ، ولم يرض سند الحديث .
وأما اختلاف القائلين بحليته في اشتراطهم نبات الشعر فيه أو لا اشتراطه فالسبب فيه معارضة العموم للقياس ، وذلك أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006390 " ذكاة الجنين ذكاة أمه " يقتضي أن لا يقع هنالك تفصيل ، وكونه محلا للذكاة يقتضي أن يشترط فيه الحياة قياسا على الأشياء التي تعمل فيها التذكية ، والحياة لا توجد فيه إلا إذا نبت شعره وتم خلقه .
ويعضد هذا القياس أن هذا الشرط مروي عن
ابن كعب ، وعن جماعة من الصحابة . وروى
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
عبد الله بن كعب بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006391كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006390قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذكاة الجنين ذكاة أمه ، أشعر أو لم يشعر " . إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى سيئ الحفظ عندهم ، والقياس يقتضي أن تكون ذكاته في ذكاة أمه من قبل أنه جزء منها ، وإذا كان ذلك كذلك ، فلا معنى لاشتراط الحياة فيه ، فيضعف أن يخصص العموم الوارد في ذلك بالقياس الذي تقدم ذكره عن أصحاب
مالك .