[ المسألة الأولى ]
[ لحوم السباع من الطير ، ومن ذوات الأربع ] - فأما المسألة الأولى : وهي
السباع ذوات الأربع ، فروى
ابن القاسم عن
مالك أنها مكروهة ، وعلى هذا القول عول جمهور أصحابه وهو المنصور عندهم . وذكر
مالك في الموطأ ما دليله أنها عنده محرمة ، وذلك أنه قال بعقب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006429أكل كل ذي ناب من السباع حرام " وعلى ذلك الأمر عندنا . وإلى تحريمها ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأشهب وأصحاب
مالك ،
وأبو حنيفة ، إلا أنهم اختلفوا في جنس السباع المحرمة فقال
أبو حنيفة : كل ما أكل اللحم فهو سبع ، حتى الفيل والضبع واليربوع عنده من السباع ،
[ ص: 386 ] وكذلك السنور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يؤكل الضبع والثعلب ، وإنما السباع المحرمة التي تعدو على الناس كالأسد والنمر والذئب ، وكلا القولين في المذهب ، وجمهورهم على أن القرد لا يؤكل ولا ينتفع به . وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا أن الكلب حرام لا ينتفع به ، لأنه فهم من النهي عن سؤره نجاسة عينه .
وسبب اختلافهم في تحريم لحوم السباع من ذوات الأربع : معارضة الكتاب للآثار ، وذلك أن ظاهر قوله : (
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ) الآية ; أن ما عدا المذكور في هذه الآية حلال . وظاهر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006430نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع " إن السباع محرمة ، هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم .
وأما
مالك فما رواه في هذا المعنى من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هو أبين في المعارضة ، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006429أكل كل ذي ناب من السباع حرام " .
وذلك أن الحديث الأول قد يمكن الجمع بينه وبين الآية بأن يحمل النهي المذكور فيه على الكراهية . وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فليس يمكن الجمع بينه وبين الآية إلا أن يعتقد أنه ناسخ للآية عند من رأى أن الزيادة نسخ ، وأن القرآن ينسخ بالسنة المتواترة .
فمن جمع بين حديث
أبي ثعلبة والآية حمل حديث لحوم السباع على الكراهية . ومن رأى أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يتضمن زيادة على ما في الآية حرم لحوم السباع . ومن اعتقد أن الضبع والثعلب محرمان فاستدلالا بعموم لفظ السباع . ومن خصص من ذلك العادية فمصيرا لما
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006431روى عبد الرحمن بن عمار قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن الضبع آكلها ؟ قال : نعم ، قلت : أصيد هي ؟ قال : نعم ، قلت : فأنت سمعت ذلك من رسول صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . وهذا الحديث وإن كان انفرد به
عبد الرحمن فهو ثقة عند جماعة أئمة الحديث ، ولما ثبت من إقراره عليه الصلاة والسلام على أكل الضب بين يديه .
وأما سباع الطير : فالجمهور على أنها حلال لمكان الآية المتكررة ، وحرمها قوم لما جاء في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006430نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير " . إلا أن هذا الحديث لم يخرجاه الشيخان ، وإنما ذكره أبو داود .