[ المسألة الثالثة ]
[ في جنسه ووصفه ]
1 - أما
جنسه : فكل ما جاز أن يتملك وأن يكون عوضا .
[ ص: 409 ] واختلفوا من ذلك في مكانين : في النكاح بالإجارة ، وفي جعل عتق أمته صداقها .
أما
النكاح على الإجارة : ففي المذهب فيه ثلاثة أقوال : قول بالإجازة ، وقول بالمنع ، وقول بالكراهة . والمشهور عن
مالك الكراهة ، ولذلك رأى فسخه قبل الدخول ، وأجازه من أصحابه :
أصبغ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومنعه
ابن القاسم ،
وأبو حنيفة إلا في العبد ; فإن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة أجازه .
وسبب اختلافهم سببان :
أحدهما : هل شرع من قبلنا لازم لنا حتى يدل الدليل على ارتفاعه ، أم الأمر بالعكس ؟ فمن قال : هو لازم أجازه ، لقوله تعالى : (
إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ) الآية . ومن قال : ليس بلازم قال : لا يجوز النكاح بالإجارة .
والسبب الثاني : هل يجوز أن يقاس النكاح في ذلك على الإجارة ؟ وذلك أن الإجارة هي مستثناة من بيوع الغرر المجهول ، ولذلك خالف فيها
الأصم nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية ، وذلك أن أصل التعامل إنما هو على عين معروفة ثابتة في عين معروفة ثابتة ، والإجارة هي عين ثابتة في مقابلتها حركات وأفعال غير ثابتة ولا مقدرة بنفسها . ولذلك اختلف الفقهاء متى تجب الأجرة على المستأجر .
وأما
كون العتق صداقا : فإنه منعه فقهاء الأمصار ما عدا
داود ،
وأحمد .
وسبب اختلافهم : معارضة الأثر الوارد في ذلك للأصول ( أعني : ما ثبت من : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006478أنه عليه الصلاة والسلام أعتق صفية وجعل عتقها صداقها " ) مع احتمال أن يكون هذا خاصا به عليه الصلاة والسلام لكثرة اختصاصه في هذا الباب ، ووجه مفارقته للأصول أن العتق إزالة ملك ، والإزالة لا تتضمن استباحة الشيء بوجه آخر ، لأنها إذا أعتقت ملكت نفسها فكيف يلزمها النكاح ؟ ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنها إن كرهت زواجه غرمت له قيمتها ، لأنه رأى أنها قد أتلفت عليه قيمتها إذ كان إنما أتلفها بشرط الاستمتاع بها ، وهذا كله لا يعارض به فعله عليه الصلاة والسلام ، ولو كان غير جائز لغيره لبينه عليه الصلاة والسلام . والأصل أن أفعاله لازمة لنا ، إلا ما قام الدليل على خصوصيته .
2 - وأما
صفة الصداق : فإنهم اتفقوا على انعقاد النكاح على العوض المعين الموصوف ( أعني : المنضبط جنسه وقدره بالوصف ) .
واختلفوا في
العوض الغير موصوف ولا معين ، مثل أن يقول : أنكحتكها على عبد أو خادم ، من غير أن يصف ذلك وصفا يضبط قيمته ، فقال
مالك ،
وأبو حنيفة : يجوز . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز . وإذا وقع النكاح على هذا الوصف عند
مالك كان لها الوسط مما سمى . وقال
أبو حنيفة : يجبر على القيمة .
وسبب اختلافهم : هل يجري النكاح في ذلك مجرى البيع من القصد في التشاح ، أو ليس يبلغ ذلك المبلغ بل القصد منه أكثر ذلك المكارمة ؟ فمن قال يجري في التشاح مجرى البيع قال : كما لا يجوز البيع على شيء غير موصوف ; كذلك لا يجوز النكاح . ومن قال ليس يجري مجراه إذ المقصود منه إنما هو المكارمة قال : يجوز .
[ ص: 410 ] [ المسألة الرابعة ]
[ في تأجيله ]
وأما
التأجيل : فإن قوما لم يجيزوه أصلا ، وقوم أجازوه واستحبوا أن يقدم شيئا منه إذا أراد الدخول ، وهو مذهب
مالك . والذين أجازوا التأجيل : منهم من لم يجزه إلا لزمن محدود ، وقدر هذا البعد ، وهو مذهب
مالك . ومنهم من أجازه لموت أو فراق ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
وسبب اختلافهم هل يشبه النكاح البيع في التأجيل أو لا يشبهه ؟ فمن قال : يشبهه لم يجز التأجيل لموت أو فراق . ومن قال : لا يشبهه أجاز ذلك . ومن منع التأجيل فلكونه عبادة .