الباب السادس في النهي من قبل وقت العبادات
وذلك إنما ورد في الشرع في وقت وجوب المشي إلى الجمعة فقط لقوله تعالى : (
إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) ، وهذا أمر مجمع عليه فيما أحسب ، ( أعني منع
البيع عند الأذان الذي يكون بعد الزوال والإمام على المنبر ) .
واختلفوا في
حكمه إذا وقع هل يفسخ أو لا يفسخ ؟ فإن فسخ فعلى من يفسخ ؟ وهل يلحق سائر العقود في هذا المعنى بالبيع أم لا يلحق ؟ فالمشهور عن
مالك أنه يفسخ ، وقد قيل : لا يفسخ ، وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبي حنيفة .
وسبب الخلاف كما قلنا غير ما مرة هل النهي الوارد لسبب من خارج يقتضي فساد المنهي عنه أو لا يقتضيه ؟
وأما على من يفسخ ؟ فعند
مالك على من تجب عليه الجمعة لا على من لا تجب عليه . وأما أهل الظاهر فتقتضي أصولهم أن يفسخ على كل بائع .
[ ص: 532 ] وأما سائر العقود فيحتمل أن تلحق بالبيوع ، لأن فيها المعنى الذي في البيع من الشغل به عن السعي إلى الجمعة ، ويحتمل أن لا يلحق به لأنها تقع في هذا الوقت نادرا بخلاف البيوع . وأما سائر الصلوات فيمكن أن تلحق بالجمعة على جهة الندب لمرتقب الوقت ، فإذا فات فعلى جهة الحظر ، وإن كان لم يقل به أحد في مبلغ علمي ، ولذلك مدح الله تاركي البيوع لمكان الصلاة ، فقال تعالى : (
رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ) .
وإذ قد أثبتت أسباب الفساد العامة للبيوع فلنصر إلى ذكر الأسباب والشروط المصححة له ، وهو القسم الثاني من النظر العام في البيوع .