صفحة جزء
المسألة السادسة .

[ صرف دنانير بدراهم في الذمة ] .

واختلفوا في الرجلين يكون لأحدهما على صاحبه دنانير ، وللآخر عليه دراهم ، هل يجوز أن يتصارفاها وهي في الذمة ؟ فقال مالك : ذلك جائز إذا كانا قد حلا معا . وقال أبو حنيفة : يجوز في الحال وفي غير الحال . وقال الشافعي ، والليث : لا يجوز ذلك حلا أو لم يحلا .

وحجة من لم يجزه : أنه غائب بغائب ، وإذا لم يجز غائب بناجز كان أحرى أن لا يجوز غائب بغائب .

وأما مالك : فأقام حلول الأجلين في ذلك مقام الناجز بالناجز ، وإنما اشترط أن يكونا حالين معا ، لئلا يكون ذلك من بيع الدين بالدين . وبقول الشافعي قال ابن وهب ، وابن كنانة من أصحاب مالك .

وقريب من هذا اختلافهم في جواز الصرف على ما ليس عندهما إذا دفعه أحدهما إلى صاحبه قبل الافتراق ، مثل أن يستقرضاه في المجلس فتقابضاه قبل الافتراق ، فأجاز ذلك الشافعي ، وأبو حنيفة ، وكرهه ابن القاسم من الطرفين ، واستخفه من الطرف الواحد ( أعني : إذا كان أحدهما هو المستقرض فقط ) . وقال زفر : لا يجوز ذلك إلا أن يكون من طرف واحد .

ومن هذا الباب اختلافهم في الرجل يكون له على الرجل دراهم إلى أجل : هل يأخذ فيها إذا حل الأجل ذهبا أو بالعكس ؟ فذهب مالك إلى جواز ذلك إذا كان القبض قبل الافتراق ، وبه قال أبو حنيفة ، إلا أنه أجاز ذلك وإن لم يحل الأجل ، ولم يجز ذلك جماعة من العلماء ، سواء كان الأجل حالا أو لم يكن ، وهو قول ابن عباس ، وابن مسعود .

وحجة من أجاز ذلك : حديث ابن عمر قال : " كنت أبيع الإبل بالبقيع ، أبيع بالدنانير ، وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم ، وآخذ الدنانير ، فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لا بأس بذلك إذا كان بسعر يومه " خرجه أبو داود .

وحجة من لم يجزه : ما جاء في حديث أبي سعيد ، وغيره : " ولا تبيعوا منها غائبا بناجز " .

التالي السابق


الخدمات العلمية