القول في حكم القراض الفاسد
واتفقوا على أن
حكم القراض الفاسد فسخه ورد المال إلى صاحبه ما لم يفت بالعمل . واختلفوا إذا فات بالعمل ما يكون للعامل فيه في واجب عمله على أقوال :
أحدها : أنه يرد جميعه إلى قراض مثله ، وهي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون عن
مالك ، وهو قوله وقول
أشهب .
والثاني : أنه يرد جميعه إلى إجارة مثله ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15136وعبد العزيز بن أبي سلمة من أصحاب
مالك ، وحكى
عبد الوهاب أنها رواية عن
مالك .
والثالث : أنه يرد إلى قراض مثله ما لم يكن أكثر مما سماه ، وإنما له الأقل مما سمى ، أو من قراض مثله إن كان رب المال هو مشترط الشرط على المقارض ، أو الأكثر من قراض مثله ، أو من الجزء الذي سمى له إن كان المقارض هو مشترط الشرط الذي يقتضي الزيادة التي من قبلها فسد القراض ، وهذا القول يتخرج رواية عن
مالك .
والرابع : أنه يرد إلى قراض مثله في كل منفعة اشترطها أحد المتقارضين على صاحبه في المال مما ليس
[ ص: 593 ] ينفرد أحدهما بها عن صاحبه ، وإلى إجارة مثله في كل منفعة اشترطها أحد المتقارضين خالصة لمشترطها مما ليست في المال ، وفي كل قراض فاسد من قبل الغرر والجهل ، وهو قول
مطرف ،
وابن نافع ،
وابن عبد الحكم ،
وأصبغ ، واختاره
ابن حبيب .
وأما
ابن القاسم فاختلف قوله في القراضات الفاسدة ، فبعضها وهو الأكثر قال : إن فيها أجرة المثل ، وفي بعضها قال : فيها قراض المثل .
فاختلف الناس في تأويل قوله : فمنهم من حمل اختلاف قوله فيها على الفرق الذي ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم ،
ومطرف ، وهو اختيار
ابن حبيب ، واختيار جدي رحمة الله عليه . ومنهم من لم يعلل قوله ، وقال : إن مذهبه أن كل قراض فاسد ففيه أجرة المثل إلا تلك التي نص فيها قراض المثل وهي سبعة : 1 - القراض بالعروض . 2 - والقراض بالضمان . 3 - والقراض إلى أجل . 4 - والقراض المبهم . 5 - وإذا قال له اعمل على أن لك في المال شركا . 6 - وإذا اختلف المتقارضان ، وأتيا بما لا يشبه فحلفا على دعواهما . 7 - وإذا دفع إليه المال على أن لا يشتري به إلا بالدين فاشترى بالنقد ، أو على أن لا يشتري إلا سلعة كذا وكذا والسلعة غير موجودة فاشترى غير ما أمر به .
وهذه المسائل يجب أن ترد إلى علة واحدة ، وإلا فهو اختلاف من قول
ابن القاسم ، وحكى
عبد الوهاب ، عن
ابن القاسم أنه فصل ، فقال : إن كان الفساد من جهة العقد رد إلى قراض المثل ، وإن كان من جهة زيادة ازدادها أحدهما على الآخر رد إلى أجرة المثل ، والأشبه أن يكون الأمر في هذا بالعكس . والفرق بين الأجرة وقراض المثل أن الأجرة تتعلق بذمة رب المال ، سواء كان في المال ربح ، أو لم يكن ، وقراض المثل هو على سنة القراض إن كان فيه ربح كان للعامل منه ، وإلا فلا شيء له .