[ ص: 594 ] بسم الله الرحمن الرحيم .
وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .
كتاب المساقاة .
القول في المساقاة :
أما أولا : ففي جوازها .
والثاني : في معرفة الفساد والصحة فيها .
والثالث : في أحكامها .
القول في
جواز المساقاة .
فأما جوازها : فعليه جمهور العلماء
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وأبو يوسف ،
ومحمد بن الحسن صاحبا
أبي حنيفة ،
وأحمد ،
وداود ، وهي عندهم مستثناة بالسنة من بيع ما لم يخلق ، ومن الإجارة المجهولة .
وقال
أبو حنيفة : لا تجوز المساقاة أصلا . وعمدة الجمهور في إجازتها : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الثابت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006671أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر ، وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها " ، خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم . وفي بعض رواياته : "
أنه صلى الله عليه وسلم ساقاهم على نصف ما تخرجه الأرض ، والثمرة " . وما رواه
مالك أيضا من مرسل
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليهود خيبر يوم افتتح
خيبر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006673أقركم على ما أقركم الله على أن التمر بيننا وبينكم " . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبينهم ، ثم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006674إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي " ، وكذلك مرسله أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار في معناه .
وأما
أبو حنيفة ، ومن قال بقوله : فعمدتهم مخالفة هذا الأثر للأصول مع أنه حكم مع
اليهود ،
واليهود يحتمل أن يكون أقرهم على أنهم عبيد ، ويحتمل أن يكون أقرهم على أنهم ذمة ، إلا أنا إذا أنزلنا أنهم ذمة كان مخالفا للأصول; لأنه بيع ما لم يخلق ، وأيضا فإنه من المزابنة ، ( وهو بيع التمر بالتمر متفاضلا ) ; لأن القسمة بالخرص بيع الخرص ، واستدلوا على مخالفته للأصول بما روي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة أنه كان يقول لهم عند الخرص : "
إن شئتم فلكم وتضمنون نصيب المسلمين ، وإن شئتم فلي وأضمن نصيبكم " . وهذا حرام بإجماع . وربما قالوا إن النهي الوارد عن المخابرة هو ما كان من هذا الفعل
بخيبر . والجمهور يرون أن المخابرة هي كراء الأرض ببعض ما يخرج منها ، قالوا : ومما يدل على نسخ هذا الحديث ، أو أنه خاص باليهود ما ورد من حديث
رافع ، وغيره من النهي عن كراء الأرض بما يخرج منها; لأن المساقاة تقتضي جواز ذلك ، وهو خاص أيضا في بعض روايات أحاديث المساقاة ، ولهذا المعنى لم يقل بهذه الزيادة
مالك ، ولا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( أعني : بما جاء من : "
أنه صلى الله عليه وسلم ساقاهم على نصف ما تخرجه الأرض والثمرة " ) . وهي زيادة صحيحة وقال بها أهل الظاهر .
[ ص: 595 ] القول في صحة المساقاة .
والنظر في الصحة راجع إلى النظر في أركانها ، وفي وقتها ، وفي شروطها المشترطة في أركانها .
وأركانها أربعة : المحل المخصوص بها . والجزء الذي تنعقد عليه . وصفة العمل الذي تنعقد عليه . والمدة التي تجوز فيها وتنعقد عليها .