الركن الثاني .
[
العمل الذي تنعقد عليه المساقاة ] .
وأما الركن الذي هو العمل : فإن العلماء بالجملة أجمعوا على أن الذي يجب على العامل هو السقي والإبار . واختلفوا في الجذاذ على من هو ؟ وفي سد الحظار ، وتنقية العين ، والسانية :
أما
مالك ، فقال في الموطإ : السنة في المساقاة التي يجوز لرب الحائط أن يشترطه سد الحظار ، وخم العين ، وشرب الشراب ، وإبار النخل ، وقطع الجريد ، وجذ الثمر ، هذا وأشباهه هو على العامل ، وهذا الكلام يحتمل أن يفهم منه دخول هذه في المساقاة بالشرط ، ويمكن أن يفهم منه دخولها فيها بنفس العقد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس عليه سد الحظار; لأنه ليس من جنس ما يؤثر في زيادة الثمرة مثل الإبار والسقي .
وقال
محمد بن الحسن : ليس عليه تنقية السواني والأنهار .
وأما الجذاذ ، فقال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : هو على العامل ، إلا أن
مالكا قال : إن اشترطه العامل على رب المال جاز . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز شرطه وتنفسخ المساقاة إن وقع . وقال
محمد بن الحسن : الجذاذ بينهما نصفان .
وقال المحصلون من أصحاب
مالك : إن العمل في الحائط على وجهين : عمل ليس له تأثير في إصلاح الثمرة ، وعمل له تأثير في إصلاحها . والذي له تأثير في إصلاحها منه ما يتأبد ويبقى بعد الثمر ، ومنه ما لا يبقى بعد الثمر . فأما الذي ليس له تأثير في إصلاح الثمر فلا يدخل في المساقاة لا بنفس العقد ، ولا بالشرط إلا الشيء اليسير منه . وأما ماله تأثير في إصلاح الثمر ويبقى بعد الثمر فيدخل عنده بالشرط في المساقاة لا بنفس العقد ، مثل إنشاء حفر بئر ، أو إنشاء ظفيرة للماء ، أو إنشاء غرس ، أو إنشاء بيت يجنى فيه الثمر . وأما ما له تأثير في إصلاح الثمر ، ولا يتأبد ، فهو لازم بنفس العقد ، وذلك مثل الحفر ، والسقي ، وزبر الكرم ، وتقليم الشجر والتذكير ، والجذاذ ، وما أشبه ذلك .
وأجمعوا على أن ما كان في الحائط من الدواب ، والعبيد أنه ليس من حق العامل . واختلفوا في شرط العامل ذلك على المساقي ، فقال
مالك : يجوز ذلك فيما كان منها في الحائط قبل المساقاة . وأما إن اشترط فيها ما لم يكن في الحائط فلا يجوز . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا بأس بذلك وإن لم يكن في الحائط ، وبه
[ ص: 597 ] قال
ابن نافع من أصحاب
مالك . وقال
محمد بن الحسن : لا يجوز أن يشترطه العامل على رب المال ، ولو اشترطه رب المال على العامل جاز ذلك ، ووجه كراهيته ذلك ما يلحق في ذلك من الجهل بنصيب رب المال ، ومن أجازه رأى أن ذلك تافه ويسير .
ولتردد الحكم بين هذين الأصلين استحسن
مالك ذلك في الرقيق الذي يكون في الحائط في وقت المساقاة ومنعه في غيرهم; لأن اشتراط المنفعة في ذلك أظهر ، وإنما فرق
محمد بن الحسن; لأن اشتراطهما على العامل هو من جنس ما وجب عليه من المساقاة ، وهو العمل بيده .
واتفق القائلون بالمساقاة على أنه إن كانت النفقة كلها على رب الحائط وليس على العامل إلا ما يعمل بيده أن ذلك لا يجوز; لأنها إجارة بما لم يخلق ، فهذه هي صفات هذا الركن ، والشروط الجائزة فيه من غير الجائزة .