القول في القسم الثاني .
وهو
قسمة المنافع .
فأما قسمة المنافع : فإنها لا تجوز بالسهمة على مذهب
ابن القاسم ، ولا يجبر عليها من أباها ، ولا تكون القرعة على قسمة المنافع . وذهب
أبو حنيفة ، وأصحابه إلى أنه يجبر على قسمة المنافع ، وقسمة المنافع هي عند الجميع بالمهايأة ، وذلك إما بالأزمان ، وإما بالأعيان : وأما
قسمة المنافع بالأزمان : فهي أن ينتفع كل واحد منهما بالعين مدة متساوية لمدة انتفاع صاحبه .
وأما قسم الأعيان : بأن يقسما الرقاب على أن ينتفع كل واحد منهما بما حصل له مدة محدودة ، والرقاب باقية على أصل الشركة .
وفي المذهب في قسمة المنافع بالزمان اختلاف في تحديد المدة التي تجوز فيها القسمة لبعض المنافع دون بعض للاغتلال ، أو الانتفاع ، مثل استخدام العبد وركوب الدابة وزراعة الأرض ، وذلك أيضا فيما ينقل ويحول ، أو لا ينقل ولا يحول .
فأما فيما ينقل ويحول : فلا يجوز عند
مالك ، وأصحابه في المدة الكثيرة ، ويجوز في المدة اليسيرة ، وذلك في الاغتلال ، والانتفاع .
وأما فيما لا ينقل ولا يحول : فيجوز في المدة البعيدة ، والأجل البعيد ، وذلك في الاغتلال والانتفاع . واختلفوا في المدة اليسيرة فيما ينقل ويحول في الاغتلال : فقيل اليوم الواحد ونحوه ، وقيل : لا يجوز ذلك في الدابة والعبد . وأما الاستخدام فقيل : يجوز في مثل الخمسة الأيام ، وقيل : في الشهر وأكثر من الشهر قليلا .
وأما التهايؤ في الأعيان : بأن يستعمل هذا دارا مدة من الزمان ، وهذا دارا تلك المدة بعينها ، فقيل :
[ ص: 616 ] يجوز في سكنى الدار وزراعة الأرضين ، ولا يجوز ذلك في الغلة والكراء إلا في الزمان اليسير . وقيل : يجوز على قياس التهايؤ بالأزمان . وكذلك القول في استخدام العبد والدواب يجري القول فيه على الاختلاف في قسمتها بالزمان . فهذا هو القول في أنواع القسمة في الرقاب ، وفي المنافع ، وفي الشروط المصححة والمفسدة . وبقي من هذا الكتاب القول في الأحكام .