الباب الثاني
في الأحكام
وأما الأحكام : فمنها
أحكام العقد ، ومنها أحكام فعل الوكيل .
فأما هذا العقد فهو كما قلنا عقد غير لازم
للوكيل أن يدع الوكالة متى شاء عند الجميع ، لكن
أبو حنيفة يشترط في ذلك حضور الموكل ، وللموكل أن يعزله متى شاء . قالوا : إلا أن تكون وكالة في خصومة . وقال
أصبغ : له ذلك ما لم يشرف على تمام الحكم ، وليس للوكيل أن يعزل نفسه في الموضع الذي لا يجوز أن يعزله الموكل .
وليس من شروط انعقاد هذا العقد حضور الخصم عند
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال
أبو حنيفة : ذلك من شروطه . وكذلك ليس من شرط إثباتها عند الحاكم حضوره عند
مالك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : من شرطه . واختلف أصحاب
مالك هل تنفسخ الوكالة بموت الموكل على قولين ، فإذا قلنا تنفسخ بالموت كما تنفسخ بالعزل فمتى يكون الوكيل معزولا ، والوكالة منفسخة في حق من عامله في المذهب ؟ فيه ثلاثة أقوال :
الأول أنها تنفسخ في حق الجميع بالموت والعزل .
والثاني أنها تنفسخ في حق كل واحد منهم بالعلم ، فمن علم انفسخت في حقه ، ومن لم يعلم لم تنفسخ في حقه .
والثالث : أنها تنفسخ في حق من عامل الوكيل بعلم الوكيل وإن لم يعلم هو ، ولا تنفسخ في حق الوكيل بعلم الذي عامله إذا لم يعلم الوكيل ، ولكن من دفع إليه شيئا بعد العلم بعزله ضمنه ، لأنه دفع إلى من يعلم أنه ليس بوكيل .
[ ص: 642 ] وأما
أحكام الوكيل ففيها مسائل مشهورة :
أحدها : إذا
وكل على بيع شيء هل يجوز له أن يشتريه لنفسه ؟ فقال
مالك : يجوز ، وقد قيل عنه : لا يجوز; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز ، وكذلك عند
مالك الأب والوصي .
ومنها إذا
وكله في البيع وكالة مطلقة لم يجز له عند
مالك أن يبيع إلا بثمن مثله نقدا بنقد البلد ، ولا يجوز إن باع نسيئة ، أو بغير نقد البلد ، أو بغير ثمن المثل ، وكذلك الأمر عنده في الشراء . وفرق
أبو حنيفة بين البيع والشراء لمعين ، فقال : يجوز في البيع أن يبيع بغير ثمن المثل ، وأن يبيع نسيئة ، ولم يجز إذا وكله في شراء عبد بعينه أن يشتريه إلا بثمن المثل نقدا ، ويشبه أن يكون
أبو حنيفة إنما فرق بين الوكالة على شراء شيء ; لأن من حجته أنه كما أن الرجل قد يبيع الشيء بأقل من ثمن مثله ونساء لمصلحة يراها في ذلك كله ، كذلك حكم الوكيل إذ قد أنزله منزلته ، وقول الجمهور أبين .
وكل ما يعتدي فيه الوكيل ضمن عند من يرى أنه تعدى .
وإذا اشترى الوكيل شيئا وأعلم أن الشراء للموكل فالملك ينتقل إلى الموكل ، وقال
أبو حنيفة : إلى الوكيل أولا ثم إلى الموكل .
وإذا دفع الوكيل دينا عن الموكل ولم يشهد فأنكر الذي له الدين القبض ضمن الوكيل .